«آيات الجهاد» في خطاب «جماعات الإرهاب» (13)
القِصاص فريضة قرآنية الهدف منها مُحاصرة تُجار الدم وجعله حِكرًا لولي الأمر

القِصاص فريضة قرآنية الهدف منها إرساء مبادئ العدل والمساواة بين الناس، والإنتصار للمظلوم أيًا كان دينه أو جنسه أو نوعه.
والمتأمل في معنى آيات القِصاص بالقرآن الكريم، يكتشف اختلافًا شديدًا عن معناها الدموي الوارد في لغة أصحاب الخطاب الديني المُتشدد.
فالقِصاص في القرآن الكريم يعني الدفاع عن الدين والنفس والمال والعِرض، ونصْر المظلوم وإغاثة الملهوف، وردّ الحقوق إلى أهلها دون جَور أو ظُلم.
بينما القِصاص في الخطاب الديني المُتشدد يعني قتْل الأبرياء وسلْب الأموال وانتهاك الحرُمات تحت سِتار الدين.
القِصاص في الخطاب الإلهي يعني إرساء مبادئ العدل والمساواة
اليوم نستكمل معكم الحلقة الثالثة عشر من سلسلة «آيات الجهاد» في خطاب «جماعات الإرهاب»، التي نكشف فيها المعنى الحقيقي لآيات الجهاد.
ونلتقي مع قول الله سبحانه و تعالى: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَىٰ بِالْأُنثَىٰ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ» (البقرة: 178)
يقول الشيخ مصطفى العطفي وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، إنَّ الآية السابقة تتحدث عن حدِّ القِصاص في القرآن الكريم أي اقتصاص الحقوق لأصحابها.
وأضاف «العطفي» إنَّ معنى قوله تعالى: «كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ فِي الْقَتْلَى» أي فُرِض عليكم، وجُعِل حقًا مفروضًا لوليّ الأمر أنْ يأخذ بدمه من القاتل أو يعفو عنه إنْ شاء.
ضوابط قرآنية صارمة لتنفيذ القِصاص
وأشار الشيخ مصطفي العطفي إلى أنَّ القرآن الكريم جعل القِصاص مُقيَّدًا بضوابط وشروط حيث جعله حِكرًا لوليّ الأمر الحاكم أو من يُنيبُه من القُضاة، ثم جعل لوليّ الأمر ضوابط أخرى فقال تعالى: «الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَىٰ بِالْأُنثَىٰ».
وأكد سبحانه وتعالى نفس المعنى في سورة المائدة فقال: « وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌۚ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ». (المائدة:45)
ثم أمرنا الله بالعفو لتسود المحبة والسلام بين أبناء المجتمع فقال تعالى: «فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ».
ويختتم «العطفي» بقوله: إنَّ تحريف معنى الآية من قِبَل بعض الجماعات المُتطرِّفة، والقيام بالعمليات الإرهابية التي تستهدف قتْل الأبرياء من رجال الجيش والشرطة تحت زَعْم القِصاص، لَهوَ انحراف صريح بمعنى ومقصود الآية.
مُشددًا على أنَّ الآية تحاصر تُجار الدم وتُضيّق القِصاص إلى أبعد الحدود، وتجعله قاصرًا على القاتل عمْدًا، وتجعل القِصاص منه حِكرًا على وليّ الأمر.