«آيات الجهاد» في خطاب «جماعات الإرهاب» (15)
أول دستور لعصمة دماء البشرية نزل في سورة البقرة

كتب: حماد الرمحي
يزعم أصحاب الخطاب الديني المتشدد أن آيات الجهاد نزلت لتمنحهم رخصة شرعية للقتل باسم الدين.
فأصدروا الفتاوى الكفرية التي تستبيح الدماء والأموال والأعراض استنادًا إلى روايات باطلة ومدسوسة على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وتتعارض مع القرآن الكريم.
في حلقة اليوم من سلسلة «آيات الجهاد» في خطاب «جماعات الإرهاب» نقدم أكبر دليل على بطلان حجتهم كما جاء في القرآن الكريم.
يقول الله تعالى: «وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ» (البقرة: 190)
الخطاب الإلهي يؤكد أن الجهاد للدفاع عن النفس
قال العلماء في تفسير هذه الآية أنها أول آية نـزلت في أمر المسلمين بقتال أهل الشرك، حيث أٌمر فيها المسلمون بقتال من قاتلهم من المشركين، والكف عمن كفّ عنهم.
والآية تتضمن أمرًا صريحًا من الله لعباده المسلمين بأن يقاتلوا من يقاتل المسلمين، ويعتدي عليهم، ويريد القضاء على الإسلام.
ثم تنتهي الآية بالنهي والتحذير من العدوان، وتجعله صفة منبوذة لا يحبها الله ورسوله فيقول تعالى: «… وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ».
والآية واضحة وصريحة تُحرم أي اعتداء أو أي عدوان حتى مع المعتدين على الإسلام، فقتالهم واجب في حالة واحدة وهي الدفاع عن الإسلام، أما إذا انتهوا فلا عدوان عليهم رغم كفرهم وجحدهم للإسلام.
القرآن الكريم يعصم دماء البشرية
وتنتقل الآيات من سورة البقرة التي حرمت الاعتداء على المشركين، لنصل إلى سورة التوبة التي تؤكد نفس المعنى.
يقول الله سبحانه وتعالى: «وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً» (التوبة: 36).
والأمر الإلهي في الآية السابقة واضح وصريح، بقتال كافة المشركين الذين يقاتلون المؤمنين.
والمتأمل في أداة التشبيه «كما» يكتشف دقة القرآن في أن قتال المشركين لا يكون إلا بنفس حجم الاعتداء، وألا يبدأ المسلم بالقتل والعدوان.
وقد أباح القرآن الكف عمّن كف، فلم يُقاتل أهل الأوثان والكافِّين عن قتال المسلمين من أهل الكتاب.
ومعنى قوله: «ولا تعتدوا» أي لا تقتلوا وليدًا ولا امرأةً ولا شيخًا ولا مسالمًا.
ومعنى قوله «إنّ الله لا يُحب المعتدين» أي أن الله لا يحب الذين يتجاوزون حدودهم، فيستحلُّون ما حرَّمه الله عليهم من قتل هؤلاء الذين حَرَّم قتلهم.