ملفات خاصة

«آيات الجهاد» في خطاب «جماعات الإرهاب» (17)

دُعاة الفتنة يُقسمون المجتمع إلى فرقة «ناجية» وأخرى «كافرة»!

كتب: حماد الرمحي

دعاة الفتنة من أصحاب الخطاب الديني المتطرف يقسمون المجتمع إلى فرقتين، الأولى يطلقون عليها «الفرقة الناجية» والثانية «الفرقة الكافرة».

وحسب منهجهم المنحرف فإنهم يعتبرون جماعتهم المتطرفة هي الفرقة الناجية، بينما سائر الناس هم الفرقة الكافرة.

وتستند الجماعات المتطرفة في منهجها إلى روايات مكذوبة وتأويلات منحرفة، وتفسيرات لآيات القرآن الكريم تعتمد في الأساس على الإسرائيليات.

 

التفسير الخاطئ لأصحاب الخطاب الديني

في حلقة اليوم من سلسلة حلقات «آيات الجهاد» في خطاب «جماعات الإرهاب» نلتقي مع الآية رقم 13 من سورة آل عمران، وهي إحدى الآيات التي تستند إليها الجماعات المتطرفة في تقسيم المجتمع.

يقول الله تعالى: «قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ» (آل عمران: 13).

والآية مقيدة بـ«واقعة وزمان ومكان» تتحدث عن واقعة محددة ومعركة بعينها وقعت بين المسلمين والكافرين، وهي غزوة بدر.

ولم تأتِ الآية بشكل مُطلق وعام، حتى يتم تطبيقها على العصر الراهن، ولم تقسم الآية المجتمع الإنساني إلى فرقتين كما تزعُم الجماعات المتطرفة.

أما المعنى الحقيقي للآية الكريمة فهي تحمل رسالة للناس أجمعين بأن يتّعظوا من الواقعة وما حدث فيها، حيث قال تعالى: «قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ» أي عِظة وعِبرة.

وإذا نظرنا إلى تكملة الآية: «قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا» وهنا وَصْف وإخبار للواقعة، أي أن هناك فئتان التقتا في ساحة القتال، ولم تأمر الآية بهذا التقسيم أو تُجيزه.

 

الفرقة الناجية والفرقة الكافرة!

ثم يبين القرآن الكريم حقيقة الفرقتين الواردتين في الآية فيقول تعالى: «…فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ»، والآية تبين الفئة الأولى وهم المسلمون بقيادة النبي وأصحابه الذين خاضوا المعركة دفاعًا عن دينهم وأنفسهم وأموالهم.

أما الفرقة الثانية فهي الفرقة الباغية من مُشركي قريش الذين أخرجوا المسلمين من ديارهم وجرّدوهم من أموالهم وحاولوا وأد دينهم.

وقال بعض العلماء أن الآية موجّهة في الأساس لليهود والمشركين ومعناها: قُلْ يا محمد، للذين كفروا من اليهود والمشركين «قدْ كَانَ لَكُمْ آيةٌ» أي علامة ودلالة على صِدق ما أقول: إنكم ستغلبون.

والخلاصة أن الآية الكريمة لا تقسّم المجتمع، ولا تدعو إلى هذا التقسيم، وتلك الفرقة البغيضة، ولكنها تصف واقع مُحدد لموقعة معروفة ومحددة، وتخص فرقتين وهم المسلمون والكفار في موقعة بدر.

والأصل في القرآن الكريم أنه يدعو للوحدة والاعتصام بحبل الله المتين حيث قال تعالى: « وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا» (آل عمران: 103).

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى