ملفات خاصة

«آيات الجهاد» في خطاب «جماعات الإرهاب» (2)

في الحلقة الأولى من سلسلة «آيات الجهاد» في شريعة أبناء داعش، والتي تدور حول الفهم الخاطي لـ«آيات الجهاد» و«آيات القتال» و«آيات النفير» في القرآن الكريم، وهي الأيات التي تستخدمها الجماعات المتطرفة ذريعة شرعية لسفك الدماء وهتك الأعراض وسلب الأموال بغير حق.
ففي الحلقة الأولى تناولنا بالشرح والتفنيد معاني ومقاصد الآية الكريمة رقم 218 من سورة البقرة والتي قال الله تعالى فيها: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَـئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، وهي الآية التي تلقبها «جماعات الشر»، و«تجار الدم»، باسم «أم الجهاد»، ويستخدمونها كتصريح مطلق للقتل باسم الدين تحت ستار الجهاد في سبيل الله.
وفي الحلقة الثانية نتناول آيتين من آيات الجهاد التي تسيئ جماعات العنف والإرهاب فهم معانيها، ومقاصدها الشريفة، ونبدأ بالأية رقم 142 من سورة آل عمران حيث قال تعالى: «أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ».

الجهاد الحرام

يقول فضيلة الشيخ محمد عز الدين وكيل وزارة الأوقاف إن آية الجهاد الواردة في سورة آل عمران تعتبر شهادة سماوية ببراءة الإسلام من كافة أعمال العنف والإرهاب والقتل باسم الدين والذي يتنافي تماماً مع صحيح الإسلام.
وقد كشف علماء المسلمون معنى هذه الاية ومقصودها ونوع الجهاد المقصود في هذه الآية بأنه: «الإبتلاء والشدائد التي تصيب المؤمن»، وأن معنى قول الله تعالى: «أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين» هو: أحسبتم أن تدخلوا الجنة ولم تبتلوا في دينكم وأنفسكم وأموالكم، وهو نفس المعنى الذي جاء في سورة البقرة: «أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب».
وهو أيضاً نفس المعنى الوارد في قال تعالى بسورة العنكبوت: «أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين»، وجميع هذه الآيات لها معنى واحد وهو أنه لا يدخل أي مؤمن الجنة حتى يبتليهم الله بالشدائد والمصائب والإعتداء من قبل أعداء الإسلام، وهنا يميز الله المؤمنيين حقاً من المتقاعسين والمتخاذلين عن نصرة دين الله، وهنا يصبح جهاد الدفع فرض عين على كل مسلم.
وشدد الشيخ محمد عز على أن الأية واضحة وصريحة تكشف الوجه المضيئ للجهاد في الإسلام وأنه شرع من أجل الدفاع عن النفس والدين والعرض والمال، وصد المعتدين على دين الله، وأنه لم يشرع للإعتداء على الأخرين، وسلب أموالهم، وسفك دمائهم باسم الدين كما يزعم أعضاء الجماعات الإرهابية.

أفضل الجهاد

أما الأية الثالثة والتي يتم تصنيفها ضمن آيات الجهاد فهي الأية 95 من سورة النساء حيث قال تعالى: «لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُـلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا».
يقول فضيلة الشيخ محمد عز وكيل وزارة الأوقاف أن هذه الأية من الأيات المخصوصة والتي نزلت في قوم بعينهم، وهم أهل بدر، وأن إنزال حكم هذه الآية على عصرنا الحاضر فيها تجاوز غير مقبول، وفهم خاطئ يتنافي مع صحيح القرآن الكريم لأن هذه الآية نزلت في أهل بدر الذين سارعوا مع النبي للدفاع عن دينهم وأنفسهم من هلاك وطغيان الكفار والمشركين وقتذاك.
وبالتالي فإنه لا يجوز إطلاق هذه حكم هذه الأية على أعمال العنف والإرهاب التي تقوم بها الجماعات المتشددة ولا يجوز استخدامها كدليل شرعي لقتل الأبرياء باسم الدين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى