« آيات الجهاد » في خطاب «جماعات الإرهاب» (9)
جماعات الشر تستشهد بآية «المخلفون» عن غزوة تبوك لتبرير مذابحهم في بلاد المسلمين

كتب: حماد الرمحي
تحريف معاني القرآن الكريم، والتحايل على مقصود الشريعة الإسلامية لعبة تحترفها الجماعات الإسلامية المتشددة، لخلق مبرر شرعي لجرائمهم التي تتم باسم الدين وتحت شماعة الجهاد في سبيل الله.
وقد استخدمت الجماعات الإرهابية « آيات الجهاد » كذريعة وسلاح شرعي لإنتهاك الحرمات وسفك دماء الأبرياء، واستباحة الأموال والأعراض باسم الدين، وهو أمر نهى الله سبحانه وتعالى عنه، فصنف هؤلاء بالمفسدين والمحاربين لله ورسوله حيث قال تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) الآية 33 سورة المائدة.
«التنوير» تستكمل مع قرائها سلسلة تحقيقيات « آيات الجهاد » في خطاب «جماعات الإرهاب» وهي الآيات التي تستغلها جماعات الشر وتجار الدم كدليل لقتل الأبرياء تحت مسمى الجهاد في سبيل الله تعالى، حيث نلتقي اليوم مع الآية 81 من سورة التوبة حيث قال تعالى: {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ}.
وهذه الآية تتحدث عن فئة بعينها من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم وهم الصحابة الذين تخلفوا عن الجهاد مع رسول الله صلي الله عليه وسلم في غزوة تبوك والتي كانت تهدف إلى الدفاع عن الاسلام والمسلمين وليس الاعتداء على المواطنيين الآمنين.
وقد تحدث الله في شأن هؤلاء المخلفون ووصف حالهم فقال تعالى: «فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ»، أي فرحوا بجلوسهم في منازلهم.
أما قوله تعالى: «وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله»، أي أن هذه الفئة من الصحابة كرهوا أن يخرجوا للجهاد سواء بأموالهم أو بأنفسهم وآثروا الراحة على التعب والمشقة وإنفاق المال في سبيل الله.
وتستطرد الآية الكريمة مؤكدة أنها جاءت ونزلت في قوم بعينهم وليست للناس أجمعين فخصتهم بما قالوا حيث قال تعالى: « وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ»، فرد الله عليهم بعد أن خالفوا نداء رسول الله صلي الله عليه وسلم إلى الجهاد، فقال جل في علاه: «قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ»، وبالتالي الآية لم تحرم عدم خروجهم، ولم تنزل بهم عقوبة سماوية، ولكن الآية وصفت وصفاً أكدت فيه أن هؤلاء المتقاعسون عن الجهاد في سبيل الله خوفاً من الحر، فعليهم أن يتذكروا أن نار جهنم أشد حراً لو كانوا يعلمون، وأن دعوة رسول الله إلى الخروج للجهاد ومواجهة أعداء الإسلام في غزوة تبوك، أولى من التخلف والسكون إلى الظل والنساء.
والخلاصة أن الآية تتحدث عن واقعة بعينها، وهي غزوة تبوك، ومجموعة من الصحابة بأعينهم وليس كل البشرية، وتختص بزمن معين ولا يمكن تعميم حكم هذه الآية على كل الأزمنة.
وعليه فإن إسقاط حكم هذه الآية على ما يحدث حالياً في بلاد المسلمين بهتان مبين، وكفر بين بالقرآن الكريم، وتشويه صريح لصورة الإسلام.