أحدث إصدارات «رسالة السلام» في معرض القاهرة للكتاب
«ومضات على الطريق» الجزء السادس.. القرآن بين التنزيل والتضليل

تشارك «مؤسسة رسالة السلام للأبحاث والتنوير» بأحدث إصداراتها في معرض القاهرة الدولي للكتاب الـ54، خلال الفترة من 24 يناير إلى 6 فبراير 2023.
ومن أحدث إصدارات المؤسسة الجزء السادس من كتاب «ومضات على الطريق» بعنوان «القرآن بين التنزيل والتضليل»، للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي.
التنزيل هو القرآن
يقول المؤلف في مقدمة الكتاب: التنزيل هو القرآن وهو كلام الله وآياته، أنزله الله على رسوله وكلَّفه بأن يقوم بتبليغه للناس، ويرشدهم إلى ما في القرآن من حكمة وهدى لما ينفعهم في الدنيا والآخرة، ويتلو عليهم آياته ليعلمهم الكتابَ والحكمةَ وليخرجهم من الظلماتِ إلى النور، ويرسم لهم خارطةَ طريق السعادةِ في الدنيا، ويحذّرهم من الطُرق التي تؤدي بهم إلى طريقِ الضلالِ وخُسرانهم في الدنيا والآخرة، رحمةً من الله بخلقه.
فلا يجوز أن تُوضع آياته بين الخطأ أو الصوابِ، أو بين الشكِ أو اليقينِ، حيث لن تكون في قدرة الإنسان تقييمها على أساس موازين العقلِ والمنطقِ والفهمِ المتعمقِ لمقاصدِ الآياتِ، إذ لا يستطيع العقل البشري أن يقارنها بما جاءت به من تشريعاتٍ وقواعدٍ تنظم علاقات المجتمعات على الرحمةِ والعدلِ والإحسان والارتقاء بالنفس الإنسانية لتعلو فوق وساوس الشيطان، وتكون لديها القدرة في التمسُّك بأخلاقيات القرآن وقِيمه السامية ولا تنساق مع النفس الأمّارة بالسوء لتخسر علاقتها مع الرحمن، الذي هيأ لها باتباع شرعته ومنهاجه سعادةً وكمالًا وطهارةً تحقق للإنسان أن يكون من الصديقين، من الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، يستمتع بالحياةِ الدنيا ويُكافأ يوم القيامة جنات النعيم.
المؤمن يعيش جنتين
فكأن الله سبحانه يريد أن يجعل الإنسان المؤمن يعيش جنتين؛ أولاهما في الدنيا والأخرى يوم الحساب، لذلك لن تستطيع النفس الإنسانية الارتقاء لتصل لليقين، ويكون الإنسان من المؤمنين الصادقين مع تشريعات وضعها الفقهاء ومناهج أثّر فيها الهوى، ولم يكونوا من الذين وصفهم الله سبحانه في قوله: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)) (النازعات (40-41)، لتصبح تشريعاتهم مستندة إلى مرجعية القرآن وحده، ولذلك تسببت أحكامهم وتشريعاتهم إلى خلقِ حالة من الالتباس عند الناس أدت إلى خلل خطير في المجتمع الإسلامي، وخلقت حالة من التنافس والصراع والحروب بين مختلف الفقهاء والمرجعيات، باعدت كثيرًا بين حكمة الله ومراده في تشريعاته ومنهاجه لمنفعة الإنسان إلى تدمير العلاقات الإنسانية النبيلة والقيم السامية التي يدعو إليها القرآن.
أهداف رسالة الإسلام
فما استطاعت قدراتهم المعرفية والعقلية والفكرية في استجلاء مقاصد الرسالة الإلهية للناس جميعًا وتأويلها بما لا يتفق مع أهداف رسالة الإسلام التي تضمنتها آيات القرآن من تشريع إلهي ومنهاج، كما قال الله سبحانه: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (المائدة: 48).
حكمة الآيات الإلهية
ولا تستطيع أية صِيغ لغوية أو فلسفات إنسانية أو مفاهيم أدركت حكمة الله في مقاصد آياته أن تتوازن مع الآيات الإلهية من حيث الحكمة والفكرة والصياغة اللغوية ومقاصدها لخير الإنسانية، فهي فوق قدرة الإدراك لدى أكثر الفقهاء والمفسرين الذين استندوا إلى الروايات لتحل محل الآيات التي لا تخضع للقوانين العقلية والاستنباطات الظرفية لكل عصر، ليكون المسلمين تحت رحمة أفهام المفسرين وأحكامهم التي لم تتخذ القرآن مرجعية لهم في إدراك مقاصد الآيات لمنفعة الإنسان.
فكلمة الله ستظل هي العليا للمؤمنين، مصدقين بها مطيعين لأوامر الله دون تردد أو ظنون أو شكوك، ولا تحتاج لضوابط تصحح مسارها ليصدقها الناس، ولا يملك العقل البشري أن يجاري رقي المعاني فيها وسلامة وجهتها وخير مقاصدها للناس جميعًا، أو أن يصل إلى الحكمة الإلهية من بعض التشريعات فيها.
الروايات المضللة
أما التضليل فهي الروايات التي استحدثها مؤلفوها وبعض الفقهاء وأحبار اليهود والفرس وغيرهم من أعداء الإسلام ومحرفو رسالة الله للناس جميعًا متعددة المصادر، خبيثة النوايا. فقد اختلط بالرواياتِ الحابل بالنابل، حين أقرَّ بصحة بعضها فئة من الباحثين والرواة والفقهاء، وكذَّب بعضها فئة أخرى من الفقهاء، وأصبح الهوى وسوء النية هما الميزان لصحة الرواية من عدمه؛ علمًا بأن الرسول عليه السلام بلّغ الناس على لسانه الصادق الأمين بإبطاله كل الروايات -دون استثاء- قائلها ومصدرها في قول الله سبحانه: (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ) (الجاثية: 6).
وبتفاوت الأزمنة وتعدد الأمزجة والأهواء والمصالح السياسية تراكمت آلاف الروايات، تلك التي يُطلق عليها (أحاديث)، التي ألّفوها على لسان الرسول عليه السلام، ونسبوها إليه زورًا وظلمًا وبهتانًا وافتراءً.