الأسرة والمجتمع

أسباب التفكك الأسري (2-3)

الخلل الذي تعيشه الأمة ناتج عن ابتعاد الموروث الفقهي عن كتاب الله

في مقالٍ سابق عن أسباب التفكك الأسري أوضح المفكر العربي، علي محمد الشرفاء الحمادي، جذور وأسباب التفكك الأسري، وفي هذا المقال سيُكمل بيان الأسباب، ومن ثمّ الحلول المطروحة.

رابعًا: لو تم الالتزام بالمفهوم العاقل والحكيم لأحكام المولى عز وجل في تشريعه التي بيّنها القرآن الكريم لانخفضت نسبة الطلاق كثيرًا جدًّا عما هي عليه الآن، ولما رأينا ما نراه من مآسٍ اجتماعية ناتجة عن ذلك من تفكك للأسرة وضياع الأبناء وآثار التحولات النفسية التي قد تتسبب في الإضرار بأنفسهم أو الإضرار بغيرهم، ولا أستبعد أن كثيرًا ممن التحقوا بالمنظمات الإرهابية يعانون أمراضًا نفسية تسبب فيها الزوجان ولم يراعِ كل منهما حقوق أبنائهما.

خامسًا: إن الخلل الذي تعيشه المجتمعات الإسلامية ناتج عن ابتعاد الموروث الفقهي عن دلالات كتاب الله فأحكام فصل الزوجين عن بعضهما دون مبرر حقيقي أو أسباب قاهرة أدت إلى أن (يتلفظ بالطلاق) يتم به تفكيك الأسرة واستعمال الرجل لسلاح الطلاق كوسيلة للضغط على المرأة وإذلالها وما يترتب على ذلك من مشاكل اجتماعية وأخلاقية لا تتفق مع شريعة الله السامية.

سادسًا: إنما بُني عليه الموروث والاجتهادات البشرية معتمدين على الروايات على لسان الرسول عليه الصلاة والسلام بالرغم من علمهم أن الرسول لم يأمره الله بالتشريع بل أمره سبحانه بالتبليغ في قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ» (المائدة:57)

والله سبحانه لم ينزل على رسوله غير القرآن الحكيم الذي تضمن التشريع والفضيلة والقيم والأخلاق، وأمره بأن يعلمهم القرآن وما احتوى فيه من حكمة وبيان

وقوله تعالى: «وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ» (الأنعام:38)

ولو تتبعنا الفتاوى التراثية والاجتهادات البشرية وخاصة فيما يتعلق (بالطلاق الشفوي)، فلا يوجد نص قرآني على الطلاق يُشرع ما ذهبوا إليه، إنما التشريع القرآني فيما يتعلق بالعلاقات الزوجية واستمرارية الحياة الأسرية ومسئولية الزوجين عن الأطفال ورعايتهم أكّد حماية الأسرة واتخاذ الاحتياطات الضرورية كافة في استباقٍ لما قد يحدث من خلاف يؤدي إلى الطلاق.

سابعًا: يقول الله تعالى: «وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا» ( النساء:35)

إن مقاصد الآية الكريمة التحري والتريث في الطلاق حرصًا على الحياة الزوجية وتمكينًا لإصلاح ذات بينهما، وهذا التشريع الإلهي قد تم إقصاؤه في مئات الآلاف من حالات الطلاق أدت إلى تشوهات خلقية واجتماعية في المجتمعات الإسلامية نتيجة للتفكك الأسري وما أحدثه من آثار سلبية.

ثامنًا: للمحافظة على حماية الأسرة وإزالة كل الأسباب التي تؤدي لتفككها وخطورة ذلك على الأمن الوطني؛ حيث إن الأسرة اللبنة الأولى لأي مجتمع، فإن صلحت صلح المجتمع وإن فسدت فسد المجتمع دينًا وخلقًا وقيمًا، وعليه تمشيًا مع مراد الله لخلقه وما اقتضته رحمته سبحانه وتعالى في تحديد الأسباب والشروط التي تستهدف تقويم الأسرة وحمايتها من التفكك، وبما أن الله سبحانه أعطى الحرية للناس بأن يضعوا من القوانين والإجراءات التي تستند إلى مراد الله ودلالات آياته بما يكفل تطبيق شرع الله الذي جاء به سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام في كتاب كريم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى