- كلمات من القلب - 1 فبراير، 2021
- كتاب وذكر وفرقان - 16 يوليو، 2019
- القرآن.. صياغة ربانية مباشرة - 1 يوليو، 2019
من الشُبهات الإسرائيلية قولهم، أنَّ المعنيَّ بالإسراء ليس النبي محمدًا عليه السلام، وإنَّما موسى عليه السلام: «سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَاۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِن دُونِي وَكِيلًا» (الإسراء:2)
يقومون بربط مسألة الإسراء في الآية الأولى، بموسى عليه السلام الذي يَرِد ذكره في الآية الثانية، فارضين أهواءهم على صياغة النصِّ الكريم ..
السياق السابق لكلمة: «بعبده»، لا يحمل أيَّ إشارة لشخصٍ محدَّدٍ بعينه: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً) ..
وحرف الواو في الكلمة الأولى من الآية الكريمة الثانية: (وآتينا موسى الكتاب)، هو حرف استئناف لكلام جديد، لا رابط بينه وبين المعني بكلمة: (بعبده) في الآية الأولى..
وهناك احتمال لأن يكون حرف الواو حرف عطف، لكن، على الجملة: (سبحان الذي أسرى)، وحتّى في هذا الاحتمال، لا رابط – على الإطلاق – بين موسى عليه السلام، وبين المعني بكلمة: (بعبده)..
فربط الآية الثانية بالمعني بكلمة: (بعبده) في الآية الأولى، لا أساس له على الإطلاق، لا من قريب ولا من بعيد..
.. ولو عدنا إلى كتاب الله تعالى، لرأينا أنَّ كلمة (بعبده) كإضافة تُضاف فيها كلمة (عبد) إلى الله تعالى، نراها تعني شخصًا محدّدًا، ورَدَ ذكره في السياق السابق:
«فَأَشَارَتْ إِلَيْهِۖ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30)» [مريم]
«۞ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ» [القمر : 9]
.. أو .. تعني شخصًا محدَّدًا، جاء بدلًا لها:
«ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا» [مريم : 2]
«اصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ» [ص : 17]
«وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ» [ص : 41]
المقصود بعبده في الإسراء هو النبي محمد
.. لكن.. عندما لا يكون في سياقها السابق ما يشير لشخصٍ محدَّدٍ، وعندما لا يكون لها بدل.. عند ذلك.. فإنّها لا تعني إلاَّ النبيَّ محمَّدًا عليه الصلاة والسلام:
«وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ» [البقرة: 23]
«سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَاۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ» [الإسراء : 1]
«الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًاۜ» [الكهف : 1]
«… وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِۗ…» [الأنفال : 41]
«تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا» [الفرقان : 1]
«أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُۖ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ» [الزمر : 36]
«فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ» [النجم : 10]
«هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِۚ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ» [الحديد : 9]
«وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا» [الجن : 19]
.. فعلى أيِّ أساس يُعيدون الإسراء – المعنيَّ في الآية الأولى من سورة الإسراء – إلى موسى عليه السلام ؟!!!..
لا يُمكن إعادته – حسب ما قدّمنا من أدلّة – إلاَّ إلى النبيِّ محمَّدٍ عليه السلام ..
المصدر:
من مقال «البيت الحرام»، المنشور بالموقع الرسمي للمهندس عدنان الرفاعي.