أمثلة على الفَرْقِ بين الخطابين الديني والإلهي
مقارنة بين مصادر الخطاب الديني وما يقابلها في الخطاب الإلهي

- الصراع الأبدي بين الخير والشر - 25 سبتمبر، 2023
- حرب نفسية أهدافها عدوانية - 23 سبتمبر، 2023
- الوعي يئد الشائعات والمواطن المصري يحمي وطنه - 21 سبتمبر، 2023
حرية العقيدة والاعتقاد
أولًا: في الخطاب الديني
في صحيح البخاري رواية 24
حدَثَنا ابنُ عمر أنَّ رسولَ الله، صلّى اللهُ عليه وسلَم، قَالَ: «أُمرتُ أن أُقاتلَ الناسَ حتـى يشهدوا أن لا إلهَ الا الله وأنا محمدُ رسولُ اللهِ ويقيموا الصّلاةَ ويؤتوا الزكاةَ فإذا فَعلوا عَصَمُوا منّي دماءَهم وأموالَهم وحسابُهم على اللهِ».
وفي صحيح البخاري رواية 973
عن أنسٍ بن مالك قاَل، قاَلَ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: «أُمرتُ أن أقاتلَ الناسَ حتـى يقولوا لا إلهَ إلاّ اللهَ فإذا قالوها وصَلّوا صلاتَنا وذَبحوا ذبيحَتَنا فقدْ حُرِّمت علينا دماؤهم وأموالُهم إلّا بحقِّها وحسابُهم على اللهِ تَعالى».
ثانيًا: في الخطاب الإلهي
قاَل تَعالى:
﴿وَقُلِ الحَقُّ مِن رَبِّكُم فَمَن شاءَ فَليُؤمِن وَمَن شاءَ فَليَكفُر إِنّا أَعتَدنا لِلظّالِمينَ نارًا أحاطَ بِهِم سُرادِقُها وَإِن يَستَغيثوا يُغاثوا بِماءٍ كَالمهُلِ يَشوِي الوُجوهَ بِئسَ اَلشَّرابُ وَساءَت مُرَتَفَقًا ﴾.. (الكهف 29).
وقال تعالى:
﴿وَلَو شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الأرضِ كُلُّهُم جَميعًا أفَأنتَ تُكرِهُ النّاسَ حَتّى يَكونوا مُؤمِنينَ﴾.. (يونس 99).
وقال تعالى:
﴿لَا إكْرَاهَ فِي الدِّينِۖ قَد تَّبَيَّـنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَااۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾.. (البقرة 256).
هذه الآياتُ الثلاثُ، تدلُ بكلِّ وضوحٍ أنَّ اللهَ سُبحانَهُ وتَعَالى، أعطىَ الحريةَ المطلقةَ للناسِ في اختيار العقيدةِ التي يَشاؤوُن، فلا وصايةَ لأحدٍ عَليهمِ؛ نبيًّا كان أو حاكمًا أو مرجعًا دينَيًّا يحاسب الناس على عقائدهم فالله وحدهُ كفيلٌ بعبادهِ وحسابِهم جميعًا يومَ الحسابِ، وكلّفَ رسولَه صلّى الله عليه وسلم بالبلاغِ، إذ قال تعالى:
﴿وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْنَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيَكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ﴾.. (الرعد40).
وقالَ تَعَالى:
﴿مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أو فَسَادٍ فِي الْأرْضِ فَكَأنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا﴾.. (المائدة 32)
وقال تَعالى:
﴿لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَـنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾.. (الممتحنة 8).
ملاحظةٌ وتعقيبٌ:
الروايتان الواردتان في الخطابِ الدينيّ السُّـنِّــي، لا تتّفقان مَعَ القرآن الكريم، وتتناقضان قَولًا وفِعلًا، ولا يُعقلُ أنَّ الرسولَ صلّى الله عليهِ وسلّم قاَلَ أيًّا منهما، في حينِ أنَّ بعضَ المجموعاتِ الإرهابيّةِ تَستدلُ بهاتينِ الروايتينِ في قَتلِ الأبرياءِ، بعدَ أنْ جَعلوا من أنفسِهم قضاةً ينوبونَ عن اللهِ في القِصَاصِ من الناس، ويصادرون حقَّهم الذي مَنَحَهَ اللهُ لهم في حرية اختيار العقيدة، التي يريدون، اتباعها بمحض إرادتهم فلا وصاية لنبي عليهم ولارسول، لكل الناس الحق المطلق لاختيار الدين الذي يريدون. لقد منحهم اللهُ خالقهُم سبحانه ذلك الحق فمَن له السلطة أن يصادر أمر الله لعباده ومَن يملك القرار في منعِ الناسِ من ممارسةِ عباداتِهم واحترامِ عقائدِهم، ومَن خولهم في الحكم بالقتل على الإنسان الذي لايدين بديانتهم؟!