الخطاب الإلهى

إصلاح النفوس في الخطاب الإلهي

الأخلاق الحميدة أساس بناء المجتمعات

مكارم الأخلاق .. من القضايا الهامة التي أوصى بها القرآن الكريم، وذلك لما لها من دور كبير في بناء الأمم واستقرار الشعوب والمجتمعات.

وتعتبر القِيَم والأخلاق ميزانًا شرعيًّا يُهَذِّب الإنسان ويرقى به إلى مكانة الإنسانيَّة الفاضلة ويُعلي من شأن المجتمعات.

وقد انفرد القرآن الكريم بمجموعة من الآيات التي تُعتَبر دستورًا للأخلاق، وعلاجًا لأمراض النفوس، ومفتاحًا لعلاج النفس البشرية، بما يعود على الأسرة والمجتمع بالخير العميم.

الأخلاق في الخطاب الإلهي

يقول الكاتب السوري محمود سعيد عيسى الباحث المتخصص في الدراسات الإسلامية، إن للأخلاق الحميدة دور هام في إصلاح النفوس.

وقد أوصانا القرآن الكريم بضرورة التحلِّي بالأخلاق الحميدة، والتخلِّي عن غيرها وتغيير النفس إلى ما ينفع الناس، فقال سبحانه وتعالى «إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ» (الرعد: 11).

وقد مدح الله نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) بأفضل مدح فوصفه بالأخلاق الحميدة، فقال تعالى : «وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ» (القلم: 4).

وكذلك أوصانا الله بالوفاء بالعهد الذي يُعَد من الأخلاق، فقال سبحانه «وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا» (الإسراء: 34)

وقال «وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ» (المعارج: 32).

الأخلاق تُشكِّل هويَّة المجتمعات

وأكد «عيسى»، أنَّ القِيَم والأخلاق هي الفضائل الدينية والخلُقية والاجتماعية التي تشكِّل إطارًا مرجعيًّا يحكم سلوك الأفراد.

وأوضح أنها تشكل جوهر الهويَّة الثقافية للمجتمعات التي تسود فيها فتميزها، وتُتَرجم إلى سلوك بشري يكتسب صفة الالتزام والاستمرارية والثبات، يكون ذلك من خلال آليات المراقبة المجتمعية مثل الأسرة والمدرسة والقانون أو الالتزام الشخصي الإرادي.

واضاف: تختلف القِيَم من شخص إلى آخر من ناحية نسبتها أو كميتها أو درجتها، حيث ذكر أنَّ كل شخص لديه قِيَم غالِبة نبيلة أو دونية، وذلك يُحدد نمط حياته وتصرفاته واختياراته في الحياة وغاية القِيَم ومبعثها المنفعة أو المصلحة.

وأشار إلى أنَّ بعض القِيَم كالتضحية بالمال أو الروح قد يُعَد «خُسارة» للمُضحِي، لكنها في الواقع حاجة إنسانية لتحقيق الذات والتميُّز من خلال الشعور بالتقدير.

الأخلاق لها أهمية قُصوى في حياة الأفراد والشعوب

وأكد «عيسى» أنه لا ينكر مُنصِف أخطارها في حياة الأفراد والشعوب؛ فشِيوع قِيَم معينة في أي مجتمع مؤشر على ازدهاره وحضارته بل ومستقبله ومآلاته.

يبرز أهمية الحفاظ على القِيَم في ظل عصر العولَمة والانفتاح الهائل على الثقافات الأخرى بغثّها وسمينها وتزايُد قنوات الاتصال ووسائله بشكل لا يمكن حصره.

تنمية الأخلاق مسؤولية فردية، كما أكد، حيث أنه على الفرد إصلاح نفسه من خلال الاستعداد والإرادة، كما أن على المجتمع مسؤولية عُظمى وهذا يشمل الأسرة والمدرسة والجامعة والعمل والمسجد.

ذكر أنَّه نتيجة تغير بنية الأسرة وتزايد الأعباء، تظهر المدرسة مؤسسة رزينة إلى جانبها لا تقل عنها أثرًا في بناء القِيَم بتشكيل شخصية الطفل.

وأوضح أنَّ بناء جيلًا أخلاقيًّا مُهمة صعبة، يجب أن تتضافر فيها الجهود لبَثّ التسامح والإخاء والتعاون والمسؤولية والعمل والعقل والبناء لصالح البشرية جمعاء.

مشيرًا إلى احتفاء القرآن الكريم بالأخلاق والقِيَم الحميدة في أكثر من موضع من آياته.

حيث قال الله «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ» (الحجرات: 11، 12).

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى