- الطمع في رحمة الله ! - 2 مارس، 2023
- قضية هجر القرآن في «المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي» - 24 ديسمبر، 2022
- مؤامرة تدوين السنة - 1 يوليو، 2019
في الأيام الأخيرة، ترددت كثيرًا فى أجهزة الإعلام، عبارة نكاح الجهاد ..
وملخص هذه العبارة، أن المقاتلين فى سوريا والعراق وليبيا، يأخذون معهم الفتيات إلى الميدان..
وتقوم كل فتاة بتسليم نفسها إلى أكثر من رجل فى اليوم الواحد، وتعتبر نفسها مجاهدة..
هذا ما يردده الإعلام الغربى، والإعلام التابع له فى المنطقة العربية..
وأنا أشك فى حدوث ذلك، لأن الفيديوهات التى تثبت ذلك مفبركة وليس بالأمر البعيد..
وقد فعلها الصليبيون أكثر من مرة..
وتلاميذهم أساتذة فى تشويه أعدائهم وفى تشويه الشخصيات الكبيرة المخلصة فى العالم الإسلامي،
فهم الذين نشروا فى إحدى الصحف أن الإمام (محمد عبده) كان ماسونيًا، ولاقت هذه الفكرة رواجًا فى عالمنا العربى..
وأنا هنا لا أدافع عن داعش، ولا عن أى فصيل آخر، لأنه ليس لدى معلومات دقيقة عن هؤلاء الشباب..
ولا أصدق كل ما يقال عنهم، أو منهم، فالصورة غير واضحة على الإطلاق.
جذور جهاد النكاح
ومن الأهمية بمكان، معرفة جذور نكاح المتعة أثناء الحروب..
لأن هذا الموضوع إختلط فيه الأمر على كثير من العلماء القدامى والمحدثين..
فقد ورد فى كتب التراث والفقه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أباح زواج المتعة فى أول حروب الإسلام ثم منعه..
وكان ذلك رأى (عبد الله بن عباس)، كما يزعمون!
وهذا كلام غير صحيح، للأسباب التالية:
أ – أن (عبد الله بن عباس) لم يشهد أى حرب مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ومات النبى وهو ابن عشر سنين.
ب – كان الصحابة يرفضون القول بزواج المتعة لدرجة أن (عبد الله بن الزبير) هاجم (عبد الله بن عباس) وهو على المنبر وقال عبد الله بن الزبير: لقد كفَّ الله تعالى بصائر أُناس، كما كفَّ أبصارهم، يقولون بزواج المتعة..
وكان (عبد الله بن عباس) فى هذا الوقت كفيف البصر فقام وقال : أنا أقول بحِل المتعة.
وهذه الروايات كلها مدسوسة على الثقافة الإسلامية ولا أصل لها، حتى ما حدث بين ابن الزبير وابن العباس.
والسؤال: كيف يحِل الرسول (صلى الله عليه وسلم) حراماً؟!
حقيقة زواج المتعة
أما ما روى عن قوله للصحابة (تمتعوا) فهذا موضوع آخر.
كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والصحابة يأخذون معهم النساء إلى ميدان المعارك لعدة أهداف منها: أن يقوم النساء بتشجيع الرجال عند النزول للقتال..
ومنها: أن تقوم النساء بإخلاء الموتى، والجرحى وعلاجهم أثناء القتال..
ومنها : أن يشعر الرجل بأنه لو قُتل فسوف يأخذ القاتل زوجته كغنيمة حرب، فيشتد فى القتال، وكان من النساء طبيبات متميزات فى علاج الجرحى.
كان الصحابة لا يخالطون زوجاتهم ولا يعاشرونهم أثناء القتال والإستعداد له.
ولكن عندما كانت تنتهى الحرب ويفرح المؤمنون بنصر الله، كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول للصحابة: (تمتعوا)
ويقصد أن يتمتعوا بزوجاتهم، لأنه يعرف أنهم كانوا لا يفعلون ذلك أثناء الحرب..
ومن هنا كان الرسول يأمر بالمتعة التى كانت مُقيدة مع الزوجة ولا يأمر بحرام أبدًا..
وقد نُقل هذا الكلام بعد ذلك إلى القرون التالية..
وفجأة تم تحريف الكلام عن مواضعه..
وقالوا: إن الرسول أمر بالمتعة..
واتخذ الشيعة من هذا مذهباً لهم..
أما أهل السنة فيقولون بحُرمة زواج المتعة، ولكنهم يقولون بحلِّه فى أول الأمر وهذا ضلال مبين..
وحاشا رسول الله أن يقول بذلك وهو برىء من هذا القول.
فزواج المتعة حرام ولم يحِلْ أبدًا فى الإسلام..
ونكاح الجهاد إن بُنى على هذه الفكرة فهو حرام..
وأشك أن مسلمًا يفعله الآن..
وأميل إلى إتهام إعلام المؤامرة والتآمر.
المصدر:
مقال «جهاد النكاح» المنشور بالموقع الرسمي للدكتور محمد أبو زيد الفقي