- منظمات دولية محتلة! - 15 نوفمبر، 2023
- الموت اللذيذ! - 11 يونيو، 2019
- اعترافات «تاجر دين» - 14 مايو، 2019
هذا المقال
ظللنا لسنوات نستمع إلى من يدَّعون أنهم رجال الدين، فيطلقون الفتاوى والأحكام التي حرَّمت على المسلمين كل شيء، حتى أنه صارت القاعدة الفقهية لديهم هي أن «الأصل في الأمور التحريم إلا ما أُحل بنص»!!
وهذا بالطبع معاكس للقاعدة الفقهية الصحيحة، وللمعلوم من الإسلام بالضرورة، فما خلقه الله هو مباح لنا، والتحريم هو ما يحتاج لنص شرعي من القرآن الكريم، حتى نعترف بأنه أمر محرم..
وفي هذا المقال يستعرض الكتاب ما أطلق عليه «توبة الصحوة»، وهي تراجع مؤسس جماعة الصحوة السعودية عن فتاوى التحريم والتكفير التي أطلقتها جماعته بكثرة في السنوات الماضية، مؤكدًا أنهم قد أخطأوا في فهم الشرع الإسلامي، وأن الدين أرحم بنا مما يصورونه لنا ويسقطوننا فيه.
يعتقد البعض أن اعتراف الشيخ عائض القرني بممارسته التطرف والتشدد والإفتاء المسموم بعيدًا عن سماحة الإسلام ووسطيته..
يعتقدون أن هذا من شأنه أن يجعل الأتباع والأنصار يفيقون من الغيبوبة التي فرضها عليهم هذا الرجل وأمثاله ممن امتثلوا لتعاليم وكالة المخابرات الأمريكية، وعملوا في خدمة المشروع الصهيوني بالشرق الأوسط..
فملأوا القلوب بالحقد والكراهية ضد الآخر المختلف، وشرعنوا العنف والإجرام باسم الجهاد..
وقاموا بتحريم كل ما من شأنه أن يدخل البهجة على النفوس ويقلل من قسوة الحياة..
كما قاموا بفرض الأزياء البدوية والأفغانية على المجتمعات العربية بحسبانها زيًا يرضي الله ورسوله!.
أقول إن هناك من يظن أن الرجل بهذه التوبة عن الإفتاء الضلالي قد يجعل الأنصار يحذون حذوه..
فينبذون العنف ويتوبون عن رغبتهم المستعرة في قتل المختلف، ويصرفون النظر عن أحلام سبي النساء واقتضاء الجزية وإقامة أسواق للعبيد وإرضاع الكبير والتداوي ببول الناقة..
وغير ذلك من التعاليم الوهابية التي نذر الشيخ لها حياته جنبًا إلى جنب مع رفاقه من شيوخ الصحوة الذين عكروا الحياة.
النصب باسم الدين
لكني أعتقد أنه لو ظهر أي شيخ ممن يحوزون أتباعًا بالملايين على الملأ وقال للناس: يا قوم، لقد نصبت عليكم وخدعتكم واستغللت جهلكم وعاطفتكم الدينية في تمرير أفكار لا أؤمن حقيقة بها، لكنها تعليمات الأسياد الذين يقررون للمشايخ ما يقولونه..
يا قوم إنني أعترف أمامكم بأنني نصاب محترف وقد كسبت من النصب باسم الدين أموالًا طائلة..
كذلك أعترف بأنني لص زنيم قمت بسرقة كل الكتب التي جعلتكم تحبونني وتفخرون بي وقد كان كاتبوها الأصليون أحق بهذا الحب والتقدير..
لو أن رجل دين خرج على الناس بهذا الكلام فإنني أتصور أن رأي الأتباع فيه لن يتغير وفكرتهم عنه ستظل كما هي.
لقد حدث هذا مع كل رجال الدين النصابين الذين تم كشفهم أمام الرأي العام، وكانت النتيجة تمسك الأنصار بهم وإنكار الحقائق حتى لو كانت على شكل اعتراف من المجرم نفسه!.
يا سادة، إن العطب الذي أصاب عقل الأمة يجعل كل هذه الاعترافات بلا طائل.
لقد تم مسح عقل الناس، وبالتالي فإن الذي لم يصدقنا عندما كتبنا مرارًا وتكرارًا عن رجال الدين الهجاصين الذين لا يؤمنون بأي شيء، الجاهزين لتحريم فوائد البنوك وتحليلها على حسب رغبة المحطة التليفزيونية التي تستضيفهم..
الذي لم يصدقنا وقتها لن يصدقنا الآن، ولن تفيد في شيء الاعترافات والاعتذارات والتوبات الكاذبة.
الأتباع فسدوا وبارت عقولهم وسوف يظلون على اقتناع بأن الفن حرام، وقيادة المرأة للسيارة حرام، وأن تزويج الطفلة واجب، وأن حالنا لن ينصلح إلا لو حاربنا المختلف عنا وسبينا امرأته وابنته وعرضنا أبناءه في سوق العبيد.
المصدر:
مقال «عطب العقول والقلوب» المنشور في موقع المصري اليوم