الأخوة الإنسانية في القرآن الكريم

« الإخوة الإنسانية » دستور إسلامي فريد من نوعه، يسمح لكل المجتمعات باختلاف أديانها وأجناسها وألوانها بالتعايش السلمي التام دون أي عوائق أو أزمات، إلا أن الجماعات الأصولية المتشددة تكفر دائماً بمثل هذه المبادئ الراسخة في القرآن الكريم.

«التنوير» تناقش في السطور التالية كيف عالج القرآن الكريم قضية الأخوة الإنسانية.

يدعو القرآن الكريم في معظم آياته إلى ترسيخ وإعلاء مبادئ الإنسانية التي تحفظ للناس جميعاً حقوقهم، وتعصم دمائهم وأموالهم وأعراضهم، ورسخ القرآن الكريم في سورة الحجرات دستوراً في التعامل بين الناس أجمعين حيث قال تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ».

والآية تخاطب كل الناس ولا تخص فئة بعينها أو ديناً بذاته، وترسي أعلى مراتب ومبادئ الإنسانية وهو المساواة بين الناس جميعاً، وأنه لا فضل لإنسان على آخر إلا بالتقوى والعمل الصالح.

ثم تتحدث الآيات الكريمة عن الأخوة المخصوصة بين المؤمنين وهم صفوة خلق الله حيث يقول الله سبحانه وتعالى: «إِنّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتّقُوا اللّهَ لَعَلّكُمْ تُرْحَمُونَ» أي إنّهم إخوة في الفطرة التي فطر الله الناس عليها، كما قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللّهِ الّتِي فَطَرَ النّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللّهِ ذلِكَ الدّينُ القَيّمُ}.

كما تتحدث الآيات عن الأخوة الإنسانية الواجب اتباعها مع الأعداء فيقول الله سبحانه وتعالى: «وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً».

وفي نفس السياق؛ يقول الله سبحانه وتعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ»، وهنا نجد أن الآية الكريمة جعلت اشتراكهم في مذهب الكفر والشرك أخوة بينهم وإن اجتمعوا على غير الحق.