نور على نور

«الأسئلة الستة» لعلماء الأمة!

لهذه الأسباب تفرق المسلمون وظهر بينهم صراع دائم وصدام فلسفي

Latest posts by المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي (see all)

إنني أسأل كل من وضع نفسه في صدارة علماء الدين ووعاظه ودعاته كما أسأل كل من تصدّى للفتوى والتفسير ما يلي:

أولًا: لماذا تمّت مخالفة أوامر الله بكل التحدي والصَّلفَ والعناد في دعوته لعباده بالتدبُّر في آياته، وسمحوا للروايات أن تطغى على الآيات لتحقيق مصالح سياسية ومادية واجتماعية؟ مهّدت الطريق لتفريق المسلمين فرقًا وطوائف وأوجدت حالة صراع دائم بينهم وجدال عنيف وصدام فلسفي التبس فيه الحق بالباطل وولّد الأحقاد وتسبّب في الاقتتال بينهم.

ثانيًا: لماذا أغفل المسلمون مرجعية القرآن في استنباط التشريعات وتنظيم العلاقة بين الله وعبادِه، والتي وضع الله لها في تشريعه قواعد العلاقة بين الإنسان وأخيه الإنسان مبنـية على العدل والمساواة واحترام حقوق الإنسان في حرية العقيدة، وحرية العمل وحق الحياة وكسب الرزق وتحقيق الأمان لأفراد المجتمع دون تمييز؟

ثالثًا: لماذا الدفاع المستميت عن الروايات كلّما ذكرت آيات الله وما تحمله من تصويب للخطاب الديني وتقويم المصطلحات والمفاهيم الضالة التي شوهت سماحة الإسلام ورحمته ودعوته للعدل!

رابعًا: لماذا لم يدرس علماء المسلمين وفقهائهم الأحداث التاريخية الكارثية، التي وقعت بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، حتـى اليوم، لمعرفة المتسبّب الرئيسي في كل الفتـن، وما أورثته لنا من صراع مستمر وقتال مدمّر يأكل الأخضر واليابس حتـى اليوم؟

خامسًا: ألم يتّهمكم رسول الله، فيما تزعمون وتقدّسون ما نُسِبَ إليه من روايات، تتناقض مع ما حمله من رسالة الله للناس ويشتكيكم إلى الله يوم القيامة؟ عندما هجرتم القرآن واستبدلتموه بالروايات والإسرائيليات الملفّقة والمشبوهة، كما جاء في القرآن العظيم قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾ (الفرقان: 30)، فماذا سيكون موقفكم يا علماء المسلمين أمام الواحد القهّار يوم الحساب، وكيف سيكون دفاعكم عن عدم تدبركم لآيات القرآن ومن يحميكم من غضب الله عليكم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

سادسًا: ما رأيكم في قوله تعالى (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّـهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ (الجاثية: 6)، يؤكد لنا الله سبحانه وتعالى في الآية المذكورة، استفسارًا استنكاريًّا أي حديث يعلو على آيات الله التـي أنزلها الله على رسوله بالحق مهما كان مصدرها، ألم تكتمل بالآيات رسالة الله وخطابُه الإلهي للناس، عندما تلَا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجّةِ الوداع: ﴿الْيَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِينًا﴾ (المائدة: 3)، ألا تعني الآية المذكورة أعلاه بأن الله قد أكمل رسالته للناس وارتضى لهم الإسلام دينًا، ألم يدعُهم للتفكر والتدبّر في آياته التي تؤدي بهم إلى الإيمان ويستيقنوا بأنْ لا حديث بعد كلام الله وآياته، لذلك فقد جاء الخطاب الإلهي يخاطب العقل وجاء لتحرير الإنسان من العبودية والأصنام وأشباه الأصنام، وتحرير الإنسان من الكهنة والأحبار وشيوخ الدين الذين احتكروا فهم القرآن وسيطروا على عقول الناس وجعلوا أنفسهم أوصياءَ على الناس، ووكلاءَ عن الله وأوصياء على البشر يكفّرون من يشاؤون ويحاسبونهم على عقائدهم، من يكرهون ويمنحون الجنة من يتبعهم ومن يزيد في نفاقهم وتقديسهم، فليحرّر الإنسان عقلَه للتفكر في كتاب الله ليطلق عقله بكل الحرية للتدبّر في كتاب الله، ويحيا حياته بما أمر الله له من كرامة ليعيش هانئًا مطمئنًّا برعاية الخالق له، يحفظ له صحته ويعينه على تأمين رزقه، يعامل الناس بالمحبة والتراحم يساعد فقيرهم ويعين المظلوم ويزور مريضهم وينشر السلام أينما حلّ وأينما رحل، يشارك مجتمعه السّراء والضّراء، فإذا ما اتبع ما أنزل الله للناس من آيات كريمة وتدبَّر في مراد الله منها للإنسان، فإن محصّلة تفكيره ستعينه على اتباع منهج الله في الحياة الذي يحقق له الأمن النفسي ويبقى متصلًا بنور الآيات الكريمة تضيء له حياتَه وتمنحه السعادةَ والتفاؤل والأمل، وترتقي بأخلاق القرآن وفضائله المجتمعات الإنسانية ليسودها السَّلام والعدل والرحمة، وقال تعالى: ﴿اتبعوا ما أنزِلَ إِلَيكُم مِن رِبّكُم وَلا تَتَّبِعوا مِن دونِهِ أوِلِياءَ قَليلًا ما تَذَكَّرونَ﴾ (ص: 29).

إنهُ أمرٌ من اللهِ جلَّ وعلا لرسولهِ بأن يُبلّغ الناسَ جميعًا بألا يتبعوا غير كتاب الله وأن يَتدبّروا آياتِه وما فيها من عِبرٍ وتعاليمَ، وقيمٍ وتشريعاتٍ تُنظّم العلاقاتِ الاجتماعيةَ بينَ الناسِ على أساسِ التعاونِ والمحبةِ والعدلِ لبناء مجتمعاتِ الأمنِ والسَّلامِ. تعيشُ في وئامٍ وتسعى للخـيرِ، تتحدُ لدفع الضّرر، وتتبعُ الله فيما أمر، تنفيذًا لأمرهِ تَعَالى في سورةِ المائدة الآية الثانيةِ حيثُ جاءَ في سياقِها ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْـبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ (المائدة: 2).

 

المصدر:

«المسلمون.. بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي»، والصادر عن «دار النخبة للطبع والنشر والتوزيع»، للباحث والمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى