- الإسلام.. والكرامة الإنسانية (2-2) - 1 أبريل، 2019
- الإسلام.. والكرامة الإنسانية (1-2) - 16 مارس، 2019
كيف ينظر الإسلام إلى كرامة الإنسان؟؟
هل يكفلها له كحق.. ويحافظ له عليها كلازمة من لوازم الحياة الإنسانية السويّة؟
بدأنا الإجابة عن هذه التساؤلات في المقال السابق، فاستعرضنا كيف تعامل الخطاب الإلهي مع الإنسان.
كما أوردنا عددًا من القواعد الشرعية السلوكية، التي سنَّها الخالق سبحانه وتعالى، لضمان كرامة الإنسان.
ونستكمل في الأسطر التالية، المزيد من الحقوق التي أمرنا بها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، والتى تحفظ الكرامة الإنسانية، ومنها:
-
حق اليتيم والضعيف والمحروم في الحصول على تعامل إنساني يحفظ له كرامته ويكون عامل بناء إيجابي لشخصيته:
وذلك باستثارة مشاعر الحب والعطاء في قلوب أفراد المجتمع حتى لا تتحول حاجته الفطرية إلى الأب أو الأم إلى خطر يهدد إحساسه بالكرامة الإنسانية، يقول تعالى: « فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10)» (الضحى:9_10)
-
حق الفتاة في إختيار زوجها:
وكذلك حق الزوجة في المعاملة الحسنة من زوجها, وحقها في فض الإرتباط الزوجي إذا أضرّ بحياتها الإنسانية.
كل ذلك يبني في الشخصية النسائية الكرامة، وينمي الإحساس بالمسئولية أمام الله تعالى
لأنه لا شيء يعدل الكرامة في إيجاد نفسية سوية تتحمل المسئولية.وهذا مصداقًا لقوله تعالى: «الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًاۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا» (النساء : 34).
والطاعة هنا ما وافق شرع الله تعالى.
-
حق كبار السن في البرِّ والوفاء والإعتراف بالجميل
- هذا الحق لا يكفله الإسلام فقط , ولا يدعو إليه وحسب، بل إنه يجعله من أولويات العقيدة ومتطلبات الحصول على رضا الله تعالى.
- والآباء والأمهات لا يجعلهم العقوق فاقدي السعادة والرغبة في مواصلة الحياة فحسب، بل إنه يؤدي قبل ذلك إلى إحساسهم بنوع مُر من الذُل والإحتياج لفلذات أكبادهم الذين اقتاتوا من دمائهم فيما سبق!!
- وحين يضع الإسلام بِرَّ الوالدين تاليًا لعبادة الله وتوحيده، فهذا يعني التشديد على ضمان كرامة الأهل في سنهم المتقدم.
وكأن الإسلام يحتفي بكرامة الإنسان جنينا فيأبى له المنشأ الملوث والقذر ويستقبله بكل صور الكرامة والعزة.
وكذلك يكفل له بكل قوة أن يظل متمتعًا بتلك الكرامة حتى مع آخر أنفاسه على ظهر الأرض …!!
ومن العجيب حقًا أن الإسلام لا يترك للمسلمين خيارًا فى بِرِّ آبائهم بل يأتي الخطاب الإلهي واضحًا صريحًا: «وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ» (لقمان : 14)
فالله يبدأ خطابه للإنسان بقوله: «وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ» ثم يعقب هذه التوصية أمر شديد الوقع «أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ».
وحين ننظر إلى واو العطف، التي تجعل شكر الوالدين تاليًا لشكر الله، وكأنه ملحق به ودليل على وجوده الفعلي، وكأن السؤال يصبح: كيف ستصدق أيها الانسان في شكر الله تعالى إن لم تشكر لوالديك أيضًا.
ثم يكون التذكير بالعودة إلى الله تعالى للحساب، ونيل الجزاء «إِلَيَّ الْمَصِيرُ»
وهكذا نرى أن الإسلام زرع في النفس البشرية بذرة الكرامة والعزة، وحرص على ألا تكون بعض مراحل الطريق الانساني (طفولة, قوامة, إعاقة, كهولة, يتم, فقر, فقدان، …) سببًا في التخلي عن الكرامة أو تحجيمها أو تحويرها لمزيد من السيطرة الظالمة أو التسلط المتعجرف.
المصدر:
الموقع الرسمي للكاتبة سلوى عبد المعبود قدوة