التعددية الأخلاقية من منظور قرآني
الإسلام ينظر للإنسان نظرة شاملة ويوفيه حقوقه الإنسانية

الحقوق الإنسانية في القرآن ذات طابع خاص لأنها تنبع من فكر إلهي مقدس ينظر للإنسان نظرة شاملة ويوفيه حقوقه الإنسانية دون إغفال لما عليه من واجبات. ولم تنظر المواثيق الدولية لهذه الحقوق إلا بعد العديد من الكوارث الإنسانية نتيجة الحروب، فجاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، والذي تتوافق بنوده مع ماجاء في شريعة الإسلام دون تفوّق عليها ودون تطبيق أيضًا، فهو نشأ فقط لاعتبارات سياسية .
الإسلام ساوى بين حقوق الفرد في السلم والحرب
لم يغفل الإسلام عن حقوق الإنسان في السلم مثل الحرب، وليس كما هي عليه بنود القوانين الدولية التي تُعنى بحقوقه وقت الحرب دون السلم، كما أنها تسوي في الأحكام بالنسبة لحقوق الفرد على المستوى الداخلي والنطاق الدولي على حدٍ سواء، فتتفوق على القوانين الدولية بجعل أحكامها مُلزمة في مجال العلاقات الداخلية والدولية على السواء وكذلك في حالتي السلم والحرب. قال تعالى :«يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا » (النساء : 1)
ومن سماحة الإسلام أنه حثّ المسلم على مقابلة السيئة التي تقع في جانب العدو بالحسنة من جانبه حتى تستوي العلاقات وتتصافى النفوس وذلك مع الأعداء حيث قال تعالى:
«وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ» ( فصلت : 34)
الإسلام دين التعددية والتفتّح
ما يُقال في الغرب وما هو سائد فيها عن الدين الإسلامي وأنه دين يحتوي على أفكار سلبية كالتعصب والعنصرية وغيرها من الاتهامات الباطلة غير صحيح، بل هو دين التعددية والتفتح، وأن تعددية الأجناس ما هي إلا حكمة الله في خلقه ، كما ورد في الآية الكريمة حيث قال تعالى :« يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ »(الحجرات: 13)
والتي تشير بشكل مباشر وصريح إلى أن الدين الإسلامي يحث البشرية على التواصل والتحادث والتعارف فيمابينها ،و أن الدين الإسلامي والقرآن يحث المسلمين على احتر ام الأديان الأخرى والتسامح مع الناس، و أن مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يقوم عليه الإسلام لأكبر برهان على تفتّح المسلم على الآخر وقابليته للتعاون في سبيل السعي وراء الخير وتجنب الشر ودحضه .