التقليد الأعمى لأصحاب الخطاب الديني
الإسلام يحثنا على التفكير ويُعلِي من قدْر العِلم والعُلماء

حثَّنا الإسلام على البُعد عن التقليد دون النظر والتمعُن والتفكُر، وبذلك جعل للتفكُر مكانة عالية، وتعددت الآيات التي رفعت من شأن التفكير.
و ذمَّ القرآن الكريم التقليد وجَرْي الخَلَف وراء السّلَف دون نظر أو إستدلال؛ هؤلاء الذين ورِثوا عقائدهم وآرائهم عن آبائهم وأجدادهم لا لشيء سوى أنَّهم آباؤهم وأجدادُهم.
هذا ما أكَّده (محمود شلتوت)، شيخ الأزهر الأسبق في كِتاب «هذا هو الإسلام» الصادر عن (مَجمَع البحوث الإسلامية).
حيث يقول: كأنَّهم يرون أنَّ السبْق الزمني يخلَع على خطة السابقين وآرائهم في المُعتقدات وأفهامهم في النصوص، قَداسةَ الحقِ وسُلطان البُرهان فالتزموها وتقيدوا بها وسلبوا أنفسهم خاصة الإنسان في البحث والنظر.
قال تعالى «وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ» (البقرة: 170).
وقال تعالى: «وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ» (المائدة: 104).
الجُمود يتصادم مع قانون النُّمو
وأضاف (شلتوت): أنَّ الجُمود حكى عنهم انَّهم على ما كان عليه سلَفهم فهم يرِثون أفكارهم وآرائهم كما يرثون عَقارهم وأرضهم.
و إكتفائهم بمعتقداتهم الموروثة ووقوفهم بأنفسهم عندها دون أن يتجهوا إلى الترقي والتدرُج في العِلم والعمل.
وذلك مُصادِم لِما تقضي به طبيعة الكَون وكل حيّ من النمو والتوليد والتناسُل الفِكري، كالتناسُل النباتي والحيواني والإنساني.
وأشار إلى أنَّ كلاهما شأن لا بُد منه في الحياة ولو وقف التناسُل الفِكري لإرتطم الإنسان في حياته بكَثرة ما تلِد الطبيعيات التي هو منها.
و عندئذٍ يعجز عنْ تدبير الحياة النامية التي لم يُقدَرْ لها النَّماء إلا خدمة له وسبيلًا لخيره ونفْعه فيتحقق فشَله في مُهمة الخِلافة الأرضية التي أُختِير لها ووُكِلَت إليه منذ القِدَم.
الإسلام رفع مكانة العِلم والعُلماء
وأكَّد(شلتوت) أنَّ الإسلام دين الفِكر والعقْل والعِلم، وإنَّ إهمال العِلم في الدنيا سيكون سببًا في عذاب الآخرة، ويجب عدَم التقليد.
وأشار إلى قوله تعالى «وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ» (الملك: 10).
و أنَّه إرتفع بالعلم وجعل أهله في المرتبة الثالثة بعد الله وملائكته، حيث قال تعالى «شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» (آل عمران: 18).