أخطاء شائعة

الثقافة والتدين الشكلي

تحولت العلاقة بين الإنسان والله إلى استعراض صريح للمظاهر

تحت عنوان «الثقافة والتدين الشكلي» كتب رامي جلال، مقاله المنشور في «المصري اليوم»، تناول فيه العلاقة بين الإنسان وربه.

استهل الكاتب مقاله مستنكرًا يقول: غابت الفواصل بين الدين كمنحة إلهية مقدسة وثابتة، وبين التدين كظاهرة إنسانية تخضع لقوانين التطور. وبناء عليه تحولت العلاقة بين الإنسان والله إلى استعراض صريح لمظاهر التدين الشكلي التي توغلت فينا لدرجة أثرت سلبًا على طرق وأنماط تفكيرنا.

أمثلة التدين الشكلي

ويضيف: لدينا الكثير من الأمثلة على توغل المظهرية الدينية، في كل الاتجاهات، والتي لا يصاحبها أي عمق ينعكس على تقدم المجتمع. على مستوى الحياة اليومية، الكثير من المحال تقوم بغلق أبوابها أثناء إقامة الصلوات، يتم ذلك حتى في المدن السياحية المصرية، فضلًا عن تعطيل بعض الموظفين بالمصالح الحكومية العمل لأداء الصلاة. وعدد من العاملين في مجال توصيل البضائع للمنازل يرفضون توصيل ما قد يتعارض مع تصوراتهم الدينية، مثل ملابس السهرة النسائية.

ويشير إلى أن المسؤولين عن الملف الموسيقي في مصر يمارسون عمليات مطاردة أخلاقية لأي مغنٍ يردد في أغانيه كلمات لا تتوافق مع المعايير الأخلاقية من وجهة نظرهم، وقد قال نقيب الموسيقيين صراحة إن دور النقابة هو الحفاظ على المجتمع. وعلى المستوى المعرفي، لا توجد مدينة مصرية ليس بها مكان لتحفيظ القرآن الكريم، ومسابقة لحفظه، وهذا جيد، لكن مصر تخلو من مسابقات لفهم القرآن أو تفسيره..

تأثير التدين الشكلي على العقل الجمعي

ويوضح الكاتب أن كل ما سبق انعكس على العقل الجمعي، فأصبح لدينا مثلًا حالة شعبية من رفض الترحم على أرواح غير المسلمين، قطاعات من المصريين ترفض قول «الله يرحمه» عقب موت أي شخصية غير مسلمة حتى لو كانت شخصية عظيمة قدمت للمجتمع الكثير من الخدمات.

ويلفت إلى أن لكل عصر أدواته الخاصة، فقد انحسر عصر الجلابية والسبحة كمظاهر للتدين الشكلي، ودخلنا في مرحلة إعلان الانحياز الديني عبر مواقع التواصل الاجتماعي، هناك على سبيل المثال عدد كبير من الصفحات المليونية على موقع «فيسبوك» يتلخص كل هدفها في نشر أدعية وابتهالات ومحاولة تحقيق أرقام قياسية في عدد «اللايكات» والتعليقات عليها، ولا يعرف المشتركون المساكين أن هذه طريقة استثمارية لأصحاب الصفحات الذين يستغلون هذا العدد لنشر أي معارف، فضلًا عن إمكانية تحولها في لحظة ما إلى صفحات لدعم كيانات ما هنا أو هناك.

انتشار الخرافات والخزعبلات

ويذكر الكاتب أن في مصر انتشرت، القرن الماضي، عادة «إعلامية» شعبية تتلخص في أن شخصًا ما يوزع ورقة مكتوبة باليد، تحتوي على رسالة ما ختامها يطلب من المتلقي أن ينسخ منها عشر نسخ ويوزعها على قراء جدد، مع تحذير مفاده بأنه إن امتنع عن دوره الصحفي، من تحرير وطباعة وتوزيع، فستلاحقه المصائب وتصيبه الكوارث وتحاصره المآسي وتصير حياته بلا نبض ومستقبله بلا أمل!، وقد تم تغيير الوسيط فتحولت هذه الورقة نفسها إلى منشور على وسائل التواصل الاجتماعي. حملت هذه الأوراق أخبارًا ونميمة وقصصًا وحواديت، ولم تضم أبدًا أي محتوى علمي أو أدبي أو ابتكاري، كلها حكايات تبث الخزعبلات أو تمجد الخرافة أو تُعلي من قيمة الأسطورة، أو كل ما سبق معًا.

احذروا تكرار التجربة

وفي ختام مقاله يزعم أن سبب كل هذا هو أن الدولة المصرية ليس لديها مشروع ثقافي واضح يمكن من خلاله مواجهة المشروع الثقافي الخاص باليمين الديني المتشدد الذي انتشر واستشرى دون رادع في وقت يظن فيه البعض، من حيث الرؤية، أن الثقافة رفاهية، ومن حيث الإجراء، أنها تسيير أعمال ومكاتبات ورقية ومكاتب فخمة وملابس جميلة وتعاملات بروتوكولية. ونتج عن هذا كيانات ومؤسسات مترهلة لا تقدم أي ثقافة، بل قدمت البلد كاملًا على طبق من ذهب لجماعات متطرفة، والتي لولا ستر الله علينا لكنّا الآن نبحث عن دولة اسمها مصر، فاحذروا من تكرار التجربة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى