الجماعات المتطرفة وصدام الحضارات
العصابات الإرهابية تتمسك بالتراث للحفاظ على الزعامة الدينية!

الصدام مع الحضارات شعار ترفعة كافة الجماعات المتطرفة باختلاف طوائفها وفرقها، حيث تعتبر الحضارات بكل أنواعها نوع من الوثنية والشرك بالله، بل هي في نظرهم رجس من عمل الشيطان.
وتعود أسباب الصدام بين الجماعات الإرهابية والحضارات إلى أن الأولى تتمسك بتراث عقيم مليء بالمغالطات الفكرية والدينية، وتعتبر أي تجديد كفر تام وخروج عن حدود الدين.
بينما الحضارات بكل أنواعها بما فيها الحضارة الإسلامية النابعة من الخطاب الإلهي بالقرآن الكريم تدعو إلى التواصل والانفتاح والتقدم والتعلم والرُّقي.
ومن هذا المنطلق تصدر الجماعات المتطرفة الفتاوى المتشددة التي تواجه بها أي تقدم أو تحضر، لاستمرار شرعيتها ووصايتها على الناس باسم الدين.
الإرهاب يهدد الحضارة الإنسانية
يقول المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي: إن ما يواجهه العالم من إرهاب وخطر عظيم يهدّد الحضارة الإنسانية، ليعيد الإنسان إلى العصور الحجريّة الغارقة في الظلم والظلام.
ويضيف، أنه بإستقراء التاريخ نرى أمثال تلك الفرق كيف أغرقت العالم العربي والإسلامي في الماضي بالدماء والسبي والقتال.
كما إرتكبوا الجرائم البشعة وأذاقوا الناس ويلات الخوف والفزع إعتمادًا واسترشادًا بروايات ما أنزل الله بها من سلطان.
وهو ما تسبب في إصابة أمتنا العربية بمآسى وأهوال وتدمير للمدن والقرى وتحويل أبنائها إلى لاجئين بالملايين.
وأكد «علي الشرفاء»، أن استمرار الفرق الإرهابية في ممارسة جرائمها إلى اليوم يفرض علينا جميعًا البحث والتقصي في أسباب هذه الظاهرة بشجاعة ومواجهة الأعراف والتقاليد والفتاوى الشاذة.
ويرى، أن هذه الفتاوى الشاذة تتعارض مع القرآن الكريم وتصطدم مع الحضارات، وتهدد الحضارة الإنسانية.
حيث يقول: هذه الفتاوى تتعارض مع كتاب الله، وأنّ ما جرى في الماضي وما يجري اليوم على العرب والمسلمين والعالم أجمع إنما هو غضب من الله على الناس.
مضيفًا أن ذلك سببه اتباعهم لطريق الشيطان وعدم اتباعهم هُدى الله ومنهج قرآنه تأكيدًا لقوله تعالى: «قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ(124)» (طه).
كيف نحرر الإنسانية من أفكار المتطرفين
ويؤكد المفكر العربي علي محمد الشرفاء، أن إنقاذ الإنسانية يتطلب مواجهة هذه الجماعات المتطرفة، واتباع المنهج والخطاب الإلهي الذي كشف أكاذيب تلك الجماعات.
حيث يقول: إن ما أنزل على رسوله من كتاب كريم، وضع الله فيه تشريعًا يتوافق مع متطلبات المجتمعات الإنسانية في كل العصور بما يحمله من قيم العدالة والمساواة والرحمة والسلام الذي لا يستغنى عنها كل عصر حتى قيام الساعة.
ويؤكد «علي الشرفاء» أن القرآن الكريم صالح لكل زمان ومكان، ويتناسب ويتوافق مع كافة الحضارات الإنسانية، وأن الله حفظه بقوله تعالى: «إِنّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ» (الحجر:9).
ويرى أن سبب التخلف والرجعية وانتشار الجماعات الإرهابية التي تهدد الحضارة الإنسانية هو تلك الروايات المدسوسة التي اختلف الناس في حقيقة مصادرها وأهدافها.
مضيفًا: هناك عشرات الآلاف من الأقوال والروايات التي استحال التأكد من مصداقيتها بعد مرور عشرات القرون فاستطاعت أن تحتل تلك الروايات المصدر الرئيسي للتشريع في العالم الإسلامي.
ونتج عن ذلك استبعاد كتاب الله الذي أرسله الله للناس كافة ليكون لهم هُدى ونورًا يستمدون منه تشريعاتهم، ويكون المرجع الوحيد للتشريع يستنبطون منه ما يساعدهم، من تشريعات لتنظيم أمورهم الدنيوية ويعينهم على عبادة الله وطاعته ليغفر لهم ذنوبهم ويدخلهم جنات النعيم.