الخطاب الإلهى

الجهاد في الخطاب الإلهي «2-2»

القرآن دعانا لمُجاهدة النّفْس الأمَّارة بالسوء وليس قتْل الأبرياء بإسم الدين

الجهاد من الألفاظ الشرعية التي أساءت الجماعات الإرهابية فهْم معانيها ومقاصدها، بعد أنْ حصرتها في عمليات القَتْل والعدوان بإسم الدين.

والجهاد لِمعناه الحقيقي هو تحمُّل المشاق في سبيل الدين والصبر على أعبائه، ومُجاهدةُالنّفْس وكَبْح جِماحِها عن السُّقوط في المعصية

هذا ما أكدَّه المُفكر العربي، (علي محمد الشرفاء الحمادي)، في كِتابه «المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي» الصادر عن مؤسسة «رسالة السلام للتنوير والأبحاث».

حيث يقول إنَّ الجهاد، يعني أيضًا التحكُم بالنَّفْس الأمّارة بالسوء في سعي الإنسان في الإعتصام بكِتاب الله وتنفيذ أوامره وإجتناب نواهيه.

الجهاد في زمن السِّلم

ويضيف «على محمد الشرفاء الحمادى» أنَّ الإقدام على التقرُّب إلى الله بالعمل الصالح من ْعبادات وإنفاق وصدقات وتقديم يدِ المُساعدة للمُحتاج والفقير وابن السَّبيل، هو نوع من أنواع الجهاد

و أنَّ دعوة الجهاد هي النّفير العام والإستعداد لمواجهة الأعداء والدفاع عنْ الأرض والعِرض، حيث تتضمن المُساهمة بالمال في الإعداد والتجهيز لقوات الدفاع.

وأشار إلى أنَّ دعوة المُتطوعين للإلتحاق بالتدريب في مرحلة الإعداد للمُواجهة وإعداد القوة اللازمة لرَدْع العُدوان.

ذلك إتّبَاعًا لقوله تعالى «وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ»  (الأنفال: 60).

وأكَّد أنَّ الجهاد ليس دعوة للإعتداء على الآخرين، بل هو تنفيذ أوامر الله في مواجهة الأعداء الذين يريدون شراً ومنْعهم مِنَ الإستيلاء على ثروات الناس وإستباحة حُرُماتهم.

وضع اللهُ في تشريعه ضوابِط القتال وِفْق قوله تعالى «وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ»  (البقرة: 190).

وذَكَر أنَّها في حالة واحدة فقط في حالة الدفاع عن النّفْس والأرض والعِرْض والمال، وحتى في حالة الإنتصار على العدو وضع الله حُكماً آخر.

قال تعالى «وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ»  (الأنفال: 61).

اللهُ سبحانه مِن رحمته يريد السلام لِعباده، وأنْ يعيشوا مُتحابين ومُتعاونين، كما أكَّد (علي محمد الشرفاء الحمادي).

قال تَعَالى «وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ» (المائدة: 2).

الجهاد على تكاليف العبادات

وأوضح «علي محمد الشرفاء الحمادي»، أنَّ تكاليف العبادات بالبُعد عن المُحرمات، تحتاج إلى مُجَاهدة الرَّغبات الغرائزية وما تحمله منْ نوازع مختلفة.

وأشار إلى أنَّ النَّفْس تميل كثيـرًا للمعصية، والشر والخداع والظُلم والخِيانة وعدم الوفاء بالعهود وإستباحة حُقوق الناس، وقتْل النَّفْس التـي حرّم الله إلا بالحق، والغيبة والنميمة ونَشْر الشائعات إبتغاء الفتنة.

كل تلك الصفات المَكْروهة تتحكم في غريزة النَّفْس البشرية وجهادها يتطلب عزيمة إيمان وصبْر، وقبل كل ذلك تقوى الله.

وأكَّد أنَّ مواجهة النَّفس وكبح جماحها، هو صراع بين الحق والباطل يكاد يكون أشدَ قوةً من معارك القتال، فالإنسان يحارب عدوًا بداخله يساعدهُ في التغريرِ به شيطان توعَّد الإنسان أمام الله عند خلق آدم فى قوله تعالى «فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أجْمَعِينَ» (ص: 82).

وأيضًا «قالَ فَبِما أغوَيتَني لَأَقعُدَنَّ لَهُم صِراطَكَ المسُتَقيمَ (16) ثمَّ لَآتِيَنَّهُم مِن بَينِ أَيديهِم وَمِن خَلفِهِم وَعَن أيمانِهِم وَعَن شَمائِلِهِم وَلا تَجِدُ أَكثَرَهُم شاكِرينَ» (الأعَراف: 16 _17).

وقال تعالى «رَبُّكُم أعلَمُ بِكُم إِن يَشَأ يَرحَمكُم أَو إِن يَشَأ يُعَذِّبكُم وَما أَرسَلناكَ عَلَيهِم وَكيلًا» (الإسراء: 54).

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى