
تاهت العقول بين الروايات وتداخُل الفلسفات اليونانية وأساطير الإسرائيليات، وأهل الكلام والسفسطة ومئات الرّواة تاركين وراء ظهورهم كتاب الله وآياته.
الآيات تنير لهم الطريق وتخرجهم من الظلمات، لذلك أوجدت تلك الأوضاع تصدِّي بعض المُنَظِّرين وأدعياء الدين بوضع مناهج وأساليب مُختلَقة لتُوهِم المُتلقِّي للرواية أنها حقيقة.
الروايات أصبح لها مقاييس عقلية وعلمية من أجل خلْق مصداقية مزورة لتلك الروايات، فزادت في تغييب العقل المسلم وابتعدت به كثيرًا عن الخطاب الإلهي.
بتلك الكلمات، إنتقد المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، المُدلِّسين على النبيّ، الذين أعلنوا الحرب على القرآن الكريم بروايات مُلفَّقة لا أصل لها ولا سنَد، في كتابه «المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي» الصادر عن مؤسسة «رسالة السلام للتنوير والأبحاث».
الخطاب الإلهي سبيل المسلمين للنجاة من الفتن
الخطاب الإلهي، أنزله الله على رسوله، كما ذكر «علي محمد الشرفاء الحمادي» يُخاطِب به الناس بآيات واضحة وأهداف محددة وكلمات لا تحتاج إلى التدقيق أو التأكد من صحتها، يتقبلها العقل والمنطق.
وأوضح أنها تدعو إلى خير وصلاح للناس وحثّهم على الأعمال الصالحة مُتفِقة مع الفِطرة الإنسانية، فهي كلام الله أنزله على رسوله.
قال الله سبحانه وتعالى : «تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ اَلْمُرْسَلِينَ» (البقرة: 252)
وقال: «تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ» (الجاثية: 6).
الهدف الأساسي من تغييب عقول المسلمين كما أكد، الإبتعاد عن القران وأن يتوهوا في الروايات وينشغلوا بمصداقيتها ويتأكدوا من الرواة هل هم عُدول أم لا.
وتساءل «كيف يستطيعون تقييم أقوال أُناسٍ ماتوا منذ مئات السنين والتحقُّق من مصداقية أقوالهم، بالرغم من أنّ الله سبحانه وتعالى نبّهنا في الآيات السابقة بأنّه قد حصَّن رسالة الإسلام بالقرآن».
وقال: نبّه الله بعدم اتِّباع أعداء الإسلام ومحاولاتهم الخبيثة بقوله سبحانه وتعالى: «يُريدونَ أن يُطفِئوا نورَ اللَّهِ بِأَفواهِهِم وَيَأبَى اللَّهُ إِلّا أَن يُتِمَّ نورَهُ وَلَو كَرِهَ الكافِرونَ» (التوبة: 32).
وأوضح أنه تحدٍ عظيم من خالق السماوات والأرض بأنَّ محاولات أعداء المسلمين لأن يطفئوا نور الله وهو القرآن الكريم برواياتهم وتضليلهم وأقوالهم.
و أنهم لن يفلحوا أبدًا وسيظل نور القرآن يوقِظ الضمائر ويُلهِم العقول ويُطمئن النفوس بأنّ وعد الله حق.
الله سبحانه قال: «إِنَّ هذَا القُرآنَ يَهدي لِلَّتي هِيَ أقوَمُ وَيُبَشِّرُ المؤُمِنينَ الَّذينَ يَعمَلونَ الصّالِحاتِ أَنَّ لَهُم أجرًا كَبيرًا» (الإسراء: 9).
دعاة الفتن يُبعدون المسلمين عن القرآن
وقال إنَّ المُستهدَف هو أن يبتعد المسلمون عن القرآن الكريم لكي يسهُل اقتيادهم ويتشتت فِكرهم ويغرقوا في الفتن ويحدث الصراع بينهم والاقتتال.
وأضاف «إذا استعرضنا أحداث التاريخ نجد خططهم قد نجحت وأنَّ أعداء الإسلام حصدوا فيما خططوا له، بِعزْل القرآن وآياته عن المسلمين وأصبح المسلمون في ظلماتٍ يُتخَطّفون من كل جانب».
وشدد على أنه لا نجاة للمسلمين إلا بالعودة للخطاب الإلهي، القرآن الكريم تأكيدًا لَقوله تعالى: «اللَّهُ وَلِيُّ الَّذينَ آمَنوا يُخرِجُهُم مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النَّورِۖ وَالَّذينَ كَفَروا أولِياؤُهُمُ الطّاغوتُ يُخرِجونَهُم مِنَ النّورِ إِلَى الظُّلُماتِۗ أولٰئِكَ أصحابُ النّارِۖ هُم فيها خالِدونَ» ( البقرة: 275).
ونَصَح بأنه على كل مسلم أنْ يتّخِذ القرآن مرجعيته الوحيدة لدينه، وعلى المسلمين أن يتدبّروا ما في آياته من عبادات ومعاملات وأخلاقيات وقِيَم عظيمة في العدالة والرحمة والمساواة بين البشر.
وأشار إلى تضمّنه عِبَر تُعين الإنسان في اختيار الطريق المستقيم، وأن يكون لهم نورًا يُخرجهم من الظلمات إلى النور، فمن أراد الله به خيرًا يشرح صدره للقرآن.
ولفت إلى أنه من أراد غير ذلك فسوف يتّبِع الشيطان، ويكون عُرضةً لعدم الاستقرار النفسي والالتباس الفكري، حينما يكون أسيرًا لأفكار بشرية وتأويلات عجزت عن فهم مراد الله لخلقه.
وذلك بالإضافة لمن ادّعى العلم والمعرفة واختزل الإسلام في فهمه، وعيّن نفسه وصيًا على المسلمين، وحلَّ محَل مرجعيّة القرآن، تذكيرًا بقوله تعالى: «وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أنْفُسِهِمْۖ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِۚ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شيء وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينُ» (النحل: 89).