الخطاب الإلهي «نور للإنسانية»
عندما ابتعد المسلمون عن كتاب الله ضلوا وتشرذموا واستضعفتهم الأمم

- الصراع الأبدي بين الخير والشر - 25 سبتمبر، 2023
- حرب نفسية أهدافها عدوانية - 23 سبتمبر، 2023
- الوعي يئد الشائعات والمواطن المصري يحمي وطنه - 21 سبتمبر، 2023
لقد بعثَ اللهُ سُبحانَهُ وتعالى مُحمدا صلّى اللهُ عليه وسلّم ليَحملَ للناسِ كافة، كتابًا مباركًا، ليُخرجَهم من الظُّلماتِ إلى النُّورِ، وليهديهَم طريقَ الخيرِ والصَّلاحِ، إذ يخاطب سُبحانَهُ وتعالى رسولَه مُحمّدٍ صَلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ ﴿كِتَابٌ أنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أولُو الْألْبَاب﴾ (ص: 29).
يخاطب اللهُ بهذه الآية العقلَ الذي فضّل الله به الإنسان عن بقية مخلوقاته وأودع فيه من العلوم والحكمة والقدرة على التعرّف على مراد الله من آياته وتشريعاته والتدبّر في نصوص الخطاب الإلهي، وما يحمله من نور للإنسانيةِ جمعاء يستعينون به ليضـيءَ لهم طريق الخيـر والصلاح في الحياة الدنيا، فالله يريد للناس أن يتفكّروا فيما خلق الله تجلّت قدرته، ويستنتجوا بعقولهم عظمة خلقه ويدركوا ويتدبّروا آياته وفهم مراد الله لخلقه ليتحقّق لديهم اليقينُ المطلقُ بأن الله وحده لا إله إلا هو لا شريك له ربّ السماوات والأرض، وهو على كل شيء قدير، ليدرك الإنسان قوله تعالى: ﴿وَلَئِن سَألْتَهُمَ مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرض لَيَقُولُنَّ اَللَّـهَ قُلْ أفَرَأيْتُم مَّا تَدعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ إِنْ أرَادَنِيَ اللَّـهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أوْ أرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّـهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾ (الزمر: 38).
يريد الله لعبادِهِ أن يعلّمهم حركة الحياة للإنسان، وتطورها منذ ولادته حتـى وفاته، حيث يقول سبحانه ﴿هُوَ اَلَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ (غافر: 67)، يريد الله سبحانه بهذه الآية أن يدركَ الناسُ تطوّرَ حياةِ الإنسان منذُ ولادتهِ حيثُ تختزلُ الآية حياة الإنسان الممتدّة منذ ولادته والتطوّر الذي يحدث للإنسان في مختلف مراحل عمره، إلى أن يصل إلى مرحلة الشيخوخة، وهي بداية النهاية، ولذا فالله يأمرنا أن نتفكّر في حياتنا القصيرة فلا خلود فيها بل تبدأ من ضعف إلى قوة ثم ضعف ثم الفناء، وبعد ذلك يأتي أجله الذي لا نعرفه وعلينا أن نتدبّر مراد الله من آياته حتـى لا يطغى الإنسان في حياته وهو يعيش رحلة قصيرة فيها ولا يتكبـر ولا يغتـرّ بما وهبه الله من سلطة وقوة وصحة ونعمة، فكل ذلك إلى زوال وإذا تدبّر الإنسان ما سيحل به منذ ولادته، سيتعرف على خارطة الطريق لحياته التي تساعده في مسيرته يؤدي تكاليف العبادات ويعامل الناس بالحسنى والعدل لا يظلم أحدًا ولا يغش إنسانًا، ولا يتجبـّر أو يتكبـّر فيرضى بما قسم الله له، ويعيش مطمئنًا سعيدًا في حياته يؤدي تكاليف العبادات، كما بيـنه لنا رسولنا الكريم بالجهد والإخلاص يتحقق له الأمن والسلامة يوم القيامة ويكافئه الله بالجنة ونعيمها.
وهذه الآيات تؤكد دعوة الله للناس جميعًا، بأن يتفكّروا فيما خلق ويتفاعلوا مع آياته، ليستنبطوا بأنفسهم حقائق الكون والحياة، وألّا ترتهن عقولهم لأقوال مجهولة، وروايات مسطورة، وأساطير مدسوسة، لا تتفق مع العقل والمنطق الذي يدعونا الله إليه بالتدبّر والتفكّر في آياته، والآيات التالية تؤكّد دَعوة المولى عز وجَل لعباده للتفكّر والتدبّر في آياته، حيث قوله تعالى ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أنفُسِكُمْ أزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (الروم: 12).