الخِطاب الإلهي يتنبأ بهجر القرآن (1)
الرُّسلِ والأنبياءِ لا يملكونَ حقَّ التشريعِ أو الإضافة إلى الرسالة السماوية

- آيات القرآن لا تخضع للشكوك - 2 ديسمبر، 2023
- التوحيد والعمل الصالح - 30 نوفمبر، 2023
- جذور الأحداث الكارثية - 28 نوفمبر، 2023
لقدْ عَلِمَ اللهُ سُبحانَهُ وتَعَالى بعِلمهِ الأزليِّ، أنَّ عبادَهُ مِن المسلمينَ سَوف يهجُرونَ القرآن ، وسيؤدّي ابتعادُهُم عَن كتابِ اللهِ إلى تفرّقهم وتشرذمِهم.
بل حُدوثِ التَّصادمِ بَينَ الفِرَقِ المختلفةِ، تلكَ التي اتبعت كُلُّ فِرقةٍ مِنهم مَذهبًا أو عقيدةً صاغها مفهُومٌ بشري في روايات منسوبة للصحابة تتناقض مع الآيات.
تم نَقَلُها من تمّت تسميتهم بعلماء الإسلام وشيوخه بعد وفاة الرسول (عليه الصلاة والسلام )بقرنين من الزّمان استحدثت روايات وأساطير إسرائيلية وحكايات لا تتوافقُ مع القرآنِ الكريم نَسَبوهَا إلى بعض صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام، مشكوك في صحتها من الناقل لها ومن المنقول عنه ومن المنسوبة إليه زورًا وظُلمًا.
فاختلّت بذلك المفاهيم وأضرّتْ بمقاصدِ القرآنِ الكريم واختلط المعقول باللا معقول والحق بالباطل، وأوجدت حالةً من الجدل الفكري تداخلت مع الفلسفات اليونانيّة وأساطيرِهم.
مع أنّ اللهَ لم يمنحْ أيًّا مِنْ رسُلُهِ في مُختلفِ العصورِ حقَّ التشريعِ، ولئنْ حدَثَ ذلكَ فَسيُحدِثُ تصادمًا بيـنَ تشريعِ الخالقِ رَب السماواتِ والأرض العليمِ الخبيرِ وَبينَ أقوال الرُّسلِ والأنبياءِ.
الَّذِينَ هُم بعضٌ مَن خَلقِهِ، حملوا أمانة الدعوة لدين الله لتبليغها للناس فلا يملكونَ حقَّ التشريعِ أو الإضافة إلى الرسالة.
إنما أمرَهُم سُبحانَهُ بِحَمل رِسالتهِ للناسِ، فقط ليبينوا للناس حكمة مراد الله من آياته كَمَا هيَ دونَ إضافةٍ أو حذفٍ أو تعديلٍ، ويشرحوا لهم تكليف العبادات وشعائرها وطرق تأديتها ويعلمونهم مبادئ الأخلاق وقيم الإسلام النبيلة.
ويحذّرونهم من المحرّمات وما يترتّب على فعلها من أضرار للإنسان، وما قد يلحقه عقاب من الله يوم الحساب لذلك:
أمرنا اللهُ سُبحانَهُ بالوحدةِ وعدمِ التفّرُق بقولِهِ تَعالىَ ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُواۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أعْدَاءَ فَألَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إخوانا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأنقَذَكُم مِّنْهَاۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ (آل عمران 103).
فحبلُ اللهِ هو القرآنُ، والالتفافُ حولهَ يحقّقُ الوحدةَ والتآزرَ حتّى تَتعطل أسباب الفُرقَةِ وتُسدَّ أبواب الفتنة من أعداء الله والإنسانية.
وقد حذّر اللهُ سبحانه المُسلمين من تصْدِيق الروايات وما تهدف إليهِ من صَرْف المُسلمين عن القرآن الكريم وإشغالهم في صِراع عقائدي يُؤسس لمناهِج مُتعددة يترتب عليها ظهور مراجِع دينية مُتناقضة تُفرِق المُسلمين إلى فِرق وطوائف، تستثير كل فرقة الاعتزاز بمرجعيتها والإستعلاء على غيرها من الفِرق، فهم القائمون على عقيدة الحق وهم حُماة رسالة الإسلام، فأصبح كل فريق له مرجِعيته وكل فريق يُدافع عن منهجه حيث تتحول المناهج المُختلفة إلى سِجال ثم إلى قِتال، وذلك ما حدَث في الماضي وما يحدُث في عصرنا الحاضر. لقد خاطب الله رسوله (عليه الصلاة والسلام ) بأنَّ الآيات التي أنزلها الله عليه هي الحق، وهي كلمات الله للناس، فكيف ينصَرِف الناس عنها إلى روايات تستَعلي على آيات الله.
المصدر:
«المسلمون.. بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي»، والصادر عن مؤسسة رسالة السلام للأبحاث والنشر، للباحث والمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي.