ملفات خاصة

الخطاب الديني يمر بمرحلة حرجة

القرآن أقرَّ المساواة في الحقوق والواجبات بين البشر

قال الدكتور حاتم العوني، أستاذ الدراسات العليا بجامعة أم القرى في مكة المكرمة، إنَّ الخطاب الديني يمر بمرحلة حرجة ويحتاج للعودة لثوابت الشريعة الإسلامية.

وأضاف أنَّ الإسلام دين عدل وإنسانية وحريات وليس خراب وتدمير، مشيرًا إلى أنَّ الله خلق التنوع ليكون سبيلًا للتعاون والتعارف وليس الكراهية والحروب.

وأكَّد أنَّه لا أحد يمتلك حق تكفير الآخرين، لافتًا إلى أنَّ من ساعدوا على انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا قدَّموا خدمة لأعداء الإسلام.

وأضاف أنَّه يجب احترام جميع الأديان وعدم الاعتداء على أحد كما أقرَّ الإسلام، وينبغي أن يكون الجميع سواسية في الحقوق والواجبات.

الخطاب الديني يحتاج للعودة إلى ثوابت الشريعة الإسلامية

  • كيف ترى حال الخطاب الديني في الوقت الحالي؟
  • الخطاب الديني يمر بمرحلة حرجة ويحتاج إلى التطوير والتجديد المنضبط الذي يعود إلى ثوابت الشريعة الإسلامية ليستطيع أنْ يخاطب العالم بطريقة تُحبب الناس في الإسلام.

عليه أن يعيد الصورة الحقيقية له ويُدافع عنه ويقنع أبناء المسلمين قبل غيرهم أنَّ الإسلام دين سلام وإنسانية وعدل وحريات وليس خراب وتدمير كما يُشاع عنه بالباطل.

  • وما النتائج التي ترتبت على ذلك الخطاب؟
  • العالم اليوم يمتلئ بالأفكار العنصرية التي تثير الكراهية بين البشر خاصة في ظل انتشار الجماعات المتطرفة، التي تُصدر أفكارًا لا أساس لها من الصحة وبعيدة عن الإسلام.

ولا بد من مقاومة هذه الأفكار ببيان أن الاختلاف في الكون وبين البشر ينبغي أنْ يكون سببًا للتكامل والتعايش والسلم وبناء الحضارة وليس الكراهية والحروب.

 

  • يكثر الحديث عن المواطنة.. لكن ما مدى أهميتها في الوقت الحالي؟
  • المواطنة مبدأ إسلامي أقرته الشريعة الإسلامية ويُقر المساواة في الحقوق والواجبات بين أبناء الوطن الواحد دون نظر إلى الانتماء الديني أو العرقي أو المذهبي أو أي اعتبارات أُخرى.

والإسلام ضمن حرية العقيدة وأمر بإظهار البر والرحمة والقسط في التعامل مع المخالفين في الدين.

قال تعالى: «لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ» (الممتحنة: 8).

المواطنة عبارة عن مجموعة من الحقوق والواجبات وليس مجرد أفكار، ولذلك يجب حصول المواطنين جميعًا على حقوقهم.

وكذلك يجب احترام جميع الأديان الموجودة وعدم الاعتداء على أحد، لأنه لا يعتنق الإسلام فينبغي أن يكون الجميع سواسية في الحقوق والواجبات.

والمواطنة تعني الانتماء إلى وطن ومراعاته في كل شيء والسعي إلى إصلاحه والتقدم به والابتعاد عن كل ما قد يؤدي به إلى الهلاك.

الوطن كله عبارة عن أسرة لا بد أن نسعى لإصلاحها كما يسعى كل شخص لإصلاح أسرته ويهتم بها باختلاف ألوانهم وأديانهم وأعراقهم ومذاهبهم.

  • تنتشر حالة من التكفير بين الأطراف المختلفة في الرأي في ظل الخطاب الديني المتطرف.. ماذا عن خطورة التكفير؟
  • التكفير له ضوابط وشروط، ونحن أمَّة عدل وإنصاف لا يصح أن نُكفّر من كفّرنا، فقد يكون الإنسان مجرمًا أو ظالمًا أو طاغيًّا ولكنه ليس بكافر، هذا أمر مختلف.

ولا يصح أن نواجه الخطأ بالخطأ، وكذلك من لهم اعتقادات وتفسيرات خاطئة عن الإسلام يكفي أن نقول أنهم مجرمون وخارجون على الشرع ومفسرون تفسيرًا إجراميًّا للإسلام وتكفي هذه الأوصاف وهي حقيقية ومنصفة تجاههم ونترك أمرهم لله.

الإسلاموفوبيا ساعدت أعداء الإسلام

  • ذلك أدى إلى وجود ظاهرة الإسلاموفوبيا.. ما تقييمك لتلك الظاهرة؟
  • ظاهرة الإسلاموفوبيا ومن ساعدوا على انتشارها قدَّموا خدمة لأعداء الإسلام لم يستطع كارهي ديننا أنفسهم أن يفعلوها بكل إمكاناتهم.

هؤلاء خوَّفوا العالم من الدين وشوهوا صورته وجعلوا المسلم في كل بقاع الدنيا يخشى أن يظهر أنه مسلم من أجل ألا يُتهم بالإرهاب واتهامات بعيدة عن الدين.

مواجهة تلك الظاهرة يحتاج إلى جهود كثيرة جدًا، فكرية وثقافية ويحتاج إلى إعلام قوي يُبين حقيقة الإسلام وقيمه، وتظهر حقيقة التعاليم الوسطية التي أدت إلى نشر السلام والرحمة في العالم.

  • وكيف ترى تعمّد المتطرفين للاعتداء على غير المسلمين وإلصاقه بأنه من الإسلام؟
  • تلك تُعد جريمة وتصرّف منافٍ للإسلام، فهذا العدوان لا يقره ديننا الوسطي السّمح، حيث أمرنا الله سبحانه وتعالى بالمعاملة الحسنة مع الآخرين.

قال الله تعالى: «وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنكُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ» (البقرة: 83).

كما قال سبحانه: «وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ» (العنكبوت: 46).

الخطاب الذي وضعه القرآن الكريم لا يلجأ أبدًا إلى القتل أو سفك دماء الأبرياء لمجرد الاختلاف معهم في وجهات النظر، لأنه كفل حُرمة النفس والأموال وغيرها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى