الخطاب الإلهى

«التفاسير المسمومة» أفسدت «شباب الأمة»

من صدق الروايات انضم لفريق «الطاعة العمياء» ومن كذبها «هام على وجهه»

Latest posts by المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي (see all)

إنَّ المأزقَ الَّذِي عَاشته وتعيشه الأمةُ العربية على مدى قرونٍ عدّة، تمَّ فيها افتعالُ الرواياتِ وتأليفُ القِصَصِ، كما تم تسويق الروايات الإسرائيليةِ وأساطيرُهم الخرافيّة، وابتداعُ الأحداثِ التي تتناقضُ مع مُرادِ الله في كتابهِ العزيز، التي تُطلقُ الشبهاتِ والإشاعاتِ على رسولهِ الكريمِ، وتقلّلُ من شأنِهِ، وتسيء إلى سُمعتهِ، بما يَستهدفُ النيلَ من سلوكياتِه للإساءةِ لدينِ الإسلام وما يترتّب على تلكَ المقولاتِ، من شكوكٍ تخلقُ تناقضًا صارخًا معَ القرآنِ الكريمِ، والمنطقِ والعقلِ فتأخذُ الإنسان إلى منعطفاتٍ شديدةِ الخطورةِ تخلق لديه الشكوك والظنون السلبية.

ومن الناسِ من صَدّقَ تلك المقولاتِ والرواياتِ والتفاسيرَ المسمومةَ، فتَحوّلَ إلى الطّاعةِ العَمياءِ لأئمّتهِ وقياداتهِ سُلبتْ إرادتُه حين سيْطروا على عَقْلهِ فأصبحَ آلةً شديدةَ الخطورة ينزع إلى التطرف، نمت في نفسه غريزة الكراهية بتلقينه معلومات مسمومة ووعود الروايات الكاذبة بالجنة المزعومة، ليَنحرف إلى مجتمعِ المُفسِدين في الأرض، يكفّر الناس ويقتل الأبرياء دون ذنبٍ أو جريرةٍ، ومن الناسِ لم يستطع عقله أن يقتنع بتلك الروايات المخالفة لآيات الله وتتعارض مع المنطق السليم والعقل، كفرَ بها فخلقتْ لديهِ الحيرةَ والتخبّطَ حينما يسمع من يسمونهم علماء الدين يرددون تلك الخرافات والروايات ويدعون الناس للإيمان بها واتباعها حتى وصل ببعض الشباب الأمر إلى الإلحادِ ولسان حالهم يتساءل إذا كان كبار العلماء يدفعوننا لتصديق تلك الأساطير فأين الحقيقة، ويستمرون في البحث عمن يأخذ بأيديهم إلى طريق النور ليخرجهم من الظلمات ليحرّر عقلَهُ من الحيرة لتطمئن نفسه ويدرك أن رحمةَ الله بخلقه أرسل لهم منهجا يضيء للناس طريق الخير والسعادة والطمأنينة والسلام النفسي عندما يرتقي بإيمانه بالله الواحد الأحد ويستيقن بقدرة الله كما قال تعالى: (وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ ۚ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (يونس: 107)، كما يطمئن الله عباده إذا أذنبوا أو أخطأوا مؤكدا لهم قربه منهم وسعة رحمته لهم بقوله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر: 53)، فالله سبحانه يفتح باب الأمل للناس ليبعدهم عن اليأس مؤكدًا للناس أن بابه مفتوح دون وسيط لكل من يريد أن يعود إليه في أي وقت، وفي أي لحظة مخلصًا في عبادته للواحد الأحد مؤمنًا بقدرته واثقًا من رحمته راضيًا بقضائه واثقًا من وعده سبحانه بقوله: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة: 186).

إن الذين حادوا عن طريق الحق كتاب الله وآياته واتبعوا طريق الشيطان ورواياته خلقت فيهم نزعة الشر وفصلتهم عن واقعهم ودفعتهم للظلم والظلام.

وهكذا يُصبحُ البعضُ ممّن يَستَمتعونَ بقتلِ مُخالفيهم قضاةً، يحكمونَ على الناسِ بالكفرِ والضلالِ، فيُنَصبون أنفسَهم قضاة ويمارسونَ شَتى أنواعِ التّعذيبِ والتنكيلِ بالذين يخالفون منهجهم الضال. تحولوا إلى وحوش مسعورة فقدوا العقل لديهم وماتت ضمائرهم معتقدينَ بأنَّهم إن قَتَلوا مُخالفيهم، فإنّهم بذلك يُقاتِلون في سبيلِ اللهِ كما تم تلقينهم من شيوخهم المجرمين الذين يسوقونهم كالدواب إلى حتفهم، مقتنعين بأنه سوف يكون جزاؤهم الجَنّةَ، وتصحيحًا لذلك المفهومِ الخَاطئ، فقد قال سُبحانَهُ وتعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ (البقرة: 190)، وهذه الآية تدعو المسلمين بالتقيّد بهذا التشريع في الحروب، وهو حقّ الدفاع مَنَحَهُ الله للناس في الذود عن أوطانهِم وأموالِهم وأعراضِهم وحذّرهم من الاعتداء على الناس.

إنَّ الَّذِين يُقاتلونَ في سَبيلِ اللهِ دفاعًا عن أنفسِهم، وأعراضِهم وأوطانِهم وقتلوا في سبيل ذلك، فهم الَّذِين يستحقّون أن تكون لهم جناتِ النعيمِ كما وعدهم الله سبحانه: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) (آل عمران: 169)، وأما الَّذِين اتبعوا فُقَهاءَ التقتيلِ والتكفيرِ، والخوارج والمارقينَ وغيرَهم من الفرقِ والمللِ المنحرفةِ فَجزاؤهم في الحياة الدنيا ويوم القيامة كما قال تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (المائدة: 33)، إنّ اللهَ يَصفُ أولئكَ الإرهابيين بالَّذِين خسروا الدّنيا والآخرةَ ولم يتّبعوا ما أَنزلَ اللهُ عَلى رسولهِ من نورٍ يهدي به الناسَ بقولهِ تعالى ﴿قُل هَل نُنَبِّئُكَم بِالأخسَرينَ أعمالًا الَّذينَ ضَلَّ سَعيُهُم فِي الحَياةِ الدُّنيا وَهُم يَحسَبونَ أنَّهُم يُحسِنونَ صُنعًا﴾ (الكهف: 103 و104).

إن الفِرَقَ الهدامةَ التي تقترفُ الآثامَ وتستبيحُ الأوطانَ، وتَسرقُ ثرواتِ الناسِ وتستَعبِدُ البشرَ، وتحرقُ الأحياءَ وتقتلُ الأبرياءَ، وترتكبُ الجرائمَ وتقتلُ النفسَ البريئة فقَدْ بَاءَ أتباعها بغضبِ اللهِ واستحقّوا عِقابَه، وأنَّ اللهَ لا يُصْلحُ عملَ المفسدين. وقدْ وصَفَهم اللهُ بقَولِهِ تَعَالى: ﴿وَالَّذينَ يَنقُضَونَ عهدَ اللَّهِ مِن بَعدِ ميثاقِهِ وَيَقطَعونَ ما أمَرَ اللَّهُ بِهِ أن يوصَلَ وَيُفسِدونَ فِي الأرض أولئِكَ لَهُمُ اللَّعنَةُ وَلَهُم سوءُ الدّارِ﴾ (الرعد: 25).

 

المصدر:

«المسلمون.. بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي»، والصادر عن «دار النخبة للطبع والنشر والتوزيع»، للباحث والمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى