الزكاة إصلاح للنفس وتطهير للمال (1-2)
الفريضة تخلص الإنسان من جموحه صوب حب الأموال وطلب الاستحواذ عليها

- الزكاة إصلاح للنفس وتطهير للمال (1-2) - 8 يناير، 2019
- كتاب يُنصف الدين الإسلامي (1-2) - 3 يناير، 2019
- بارقة أمل في عصر الظلمة (1-2) - 2 يناير، 2019
لم يكن تشريع الله سبحانه وتعالي خاصية لأحد سواه رب العالمين، فالتشريع هو خصيصة إلهية، إذ لا يجوز لأحد أن يشرع من تلقاء نفسه حتى الرسول صلي الله عليه وسلم إلا أن يتكلم بما ينزله الله عليه من آيات كريمة، وهنا تبرز خصوصية النبي، فلم يكن النبي عليه الصلاة والسلام ينطق عن هواه أبدًا ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى / النجم : 5 )
فالنبي صلى الله عليه وسلم ما كان إلا مبلغا عن ربه ما أراده الله تعالي تشريعا لعباده ..
قال تعالي : وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴿١٨ العنكبوت﴾
فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴿٩٢ المائدة﴾
يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ﴿٦٧ المائدة﴾
وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ﴿١٩ الأنعام﴾
وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ ﴿٢٠ آل عمران﴾
فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ ﴿٤٨ الشورى﴾
فالرسول صلى الله عليه وسلم كان خير من أرسله الله للناس كافة لمهمة توصيل الخطاب الإلهي ..
من هنا لم تكن الزكاة تشريعاً من الرسول صلى الله عليه وسلم، بل أمراً بالتشريع من الله سبحانه .. قال تعالى: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم / 103 : التوبة)
وأيضا قوله تعالى: (والذين في أموالهم حق معلوم ) (المعارج : 25 )
وهنا لا ينحصر هدف الزكاة في صلاح المجتمعات وإعمارها فحسب، بل يتجاوز هدف الزكاة لما هو أبعد من ذلك، حين يكون هدفها ضمن ما حوته من أهداف عليا هو تربية النفس وإعلاء وتيرة السموالإنساني والروحي لدى المسلم، حين تكون آثارالزكاة وقائية علاجية للجوانب الروحية لما قد ينتاب الإنسان من الانزلاق في درك المادية القاتلة والأنانية وحب الذات، فقد يرتد إلي أسفل سافلين فينسى دوره ويضيع أمانته ويكون أول عوامل الانحطاط هو الغلو في حب المال، ذلك الحب الفطري المعقول الذي يعتبر من نعم الله علي الإنسان حتى تعمر الأرض، قال سبحانه : ( وإنه لحب الخير لشديد / 8 : العاديات ) لكن الغلو يدفع الإنسان إلي الاكتساب وعدم الإنفاق على المحرومين، وبهذا يتحول من إنسان سوي متزن منسجم مع فطرة الاعتدال، إلي إنسان مادي لا يستشعر آلام المحرومين والفقراء .
فإذا ما حل المال محل العطاء والإنفاق يكون المرء قد ارتهن نفسه للتعاسة والشقاء بعدما أظلم قلبه وغادرته الرحمة والعطف علي الآخرين، وهو حال من جمع المال واعتبره هدفا بحد ذاته، وحينما يصل الإنسان لهذه الدرجة يكون علي موعد مع استحقاق الله له بقوله تعالى : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)( الهمزة : 1-9 )