أركان الإسلام

دور الزكاة في تربية الأجيال

علي الشرفاء: الأهداف العليا للزكاة تشمل تربية النفس والسمو الإنساني والروحي للمسلم

الزكاة تُعتبر ركن هام في حياة المسلمين، ولا تقتصر أهميتها على مساعدة الفقراء والمحتاجين فقط، بل تمتد إلى كونها إحدى أهم الوسائل، التي انتشر بها الإسلام.

يقول الباحث والمفكر العربي، علي محمد الشرفاء الحمادي، في كتابه «الزكاة.. صدقة وقرض حسن»، الصادر عن مؤسسة «رسالة الإسلام للأبحاث والنشر»، إنَّ هدف الزكاة لا ينحصر في صلاح المجتمعات وإعمارها فحسب، بل يتجاوز هدفها ما هو أبعد من ذلك.

وأضاف «الشرفاء» أن اكتمال أداء شعيرة الزكاة في الإسلام، يتحقق حين نرى ما حوته من أهداف عُليا متحققًا على أرض الواقع.

وأشار إلى أن من بين الأهداف العليا للزكاة، تربية النفس وإعلاء وتيرة السمو الإنساني والروحي لدى المسلم، منوهًا إلى أنه حين تتحقق أهداف الزكاة الصحيحة، تكون آثارها وقائية علاجية للجوانب الروحية للإنسان.

وأضاف «الشرفاء»، أن من بين أهداف الزكاة، حماية الإنسان من الانزلاق في درك المادية القاتلة، والأنانية المفرطة، وحب الذات. مشيرًا إلى أن تلك الآفات لو أصابت شخصًا ما، فإنها ترتد به إلى أسفل سافلين، فينسى دوره، وتضيع أمانته.

وأكد المفكر العربي، علي الشرفاء، أن من أول عوامل الانحطاط الأخلاقي والمجتمعي، هو الغلو في حب المال، عندما ينتاب أفراد المجتمع.

وأوضح أنَّ ذلك الحب الفطري المعقول، الذي يعتبر من نعم الله على الإنسان حتى تعمر الأرض، حيث قال سبحانه وتعالى: «وإنه لحب الخير لشديد».

ولكن الغلو يدفع الإنسان إلى الاكتساب وعدم الإنفاق على المحرومين، وبهذا يتحول من إنسان سوي متزن منسجم مع فطرة الاعتدال، إلي إنسان مادي لا يستشعر آلام المحرومين والفقراء.

ويقول الدكتور حسين شحاتة، أستاذ الاقتصاد الإسلامي، بجامعة الأزهر، إنَّ الزكاة تُساعد في نشر الإسلام، وأدت إلى ذلك في كثير من دول العالم في صدر الدولة الإسلامية، وبصفة خاصة من خلال رجال المال والأعمال، الذين طبقوا نظام زكاة المال على أرض الواقع.

وأضاف: أنَّ الزكاة تعمل على نشر الإسلام، لأنَّها عبارة عن تربية روحية، وأخلاقية حسنة، وسلوكية مستقيمة، وتكافل وتضامن وتنمية اجتماعية، وتنمية اقتصادية مستدامة، واستقرار سياسي واجتماعي، علاوة على أنَّها عبارة عن تضامن بين الدول الإسلامية.

وأوضح أنَّ الواقع المعاصر، يشهد تجارب عملية، تقوم بها مؤسسات وصناديق وبيوت الزكاة، في كثير من دول العالم، في إفريقيا وآسيا والدول العربية.

وأشار إلى أنَّ التجارب تتمثل في تقديم المساعدات الشهرية للفقراء والمساكين والأسر المتعففة، وتقديم القروض الحسنة الخالية من الربا للأفراد والأسر المتعسرة.

ولفت إلى تقديم المساعدات لطلاب العلم الفقراء على اختلاف مستوياتهم وجنسياتهم، لاسيما تقديم العون المالي لأسر السجناء بما يحفظهم من الفساد الأخلاقي والاجتماعي.

وذكر أنَّ مؤسسات الزكاة تُقدّم أيضًا العون المالي للمعتقلين في سبيل الله لتحريرهم من قبضه الأعداء وكذلك لأسرهم، ما يؤكد وسطية الإسلام ورعايتها للإنسانية.

كما قال إنَّ المؤسسات تُوفر المياه الصالحة للشرب في أماكن تجمع الناس وإنشاء المشروعات الخيرية التأهيلية والإنتاجية والتعليمية في البلاد التي فيها أقليات مسلمة.

وتعددت آيات القرآن التي تتحدث عن الزكاة، من بينها قول الله تعالى: «الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ” وقوله تعالى: «وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ».

وأضاف أنَّها توفر الرعاية الطبية، بصورها كافة للمرضى الفقراء، ومنها إنشاء المستشفيات للفقراء، بالإضافة إلى كفالة الأيتام ورعاية أحوال الأرامل الفقراء من حيث الغذاء والكساء والعلاج والتعليم والزواج.

وأكَّد أنَّ كل تلك الأفعال تؤدي إلى نشر الإسلام في المجتمعات المختلفة، خاصةً أنَّها أيضًا تدعم مشروعات تحفيظ القرآن ومسابقاته، وتنظم من خلالها موائد الإفطار في رمضان في المساجد للفقراء والمساكين والمهجرين والمبعوثين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى