الزواج المقدس في الخطاب الإلهي
النكاح هو السبيل لإعمار الأرض.. والطلاق أول خطوة لهدم الأمم

الطلاق أزمة تعاني منها كثير من الأسُر بعد أن تحول إلى ظاهرة تهدد أمن واستقرار الأسُر العربية والإسلامية، بعد أن بلغت نِسب الطلاق مرحلة غير مسبوقة.
وقد جعل الله الزواج هو الأصل في استقرار البشرية، وبيَّن الخطاب الإلهي أهمية الزواج في التكاثُر وإعمار الأرض فقال تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً…» (النساء: 1)
و يكشف القرآن الكريم أهمية الزواج على مستوى الفرد والأسرة فقال تعالى: «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا…» (الأعراف: 189).
وذكر سبحانه أنَّه جعَل بين الزَّوجين مودَّة ورحمة؛ كما جاء في قوله تعالى: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً…» (الروم: 21)، وقال أيضاً: «هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ…» (البقرة: 187).
وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بأنْ يكون الطلاق في أضيق الحدود بالمودة والحسنى حتى لا تترتب عليه عواقب إجتماعية وخيمة فقال تعالى: «…وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا» (49 الأحزاب)
الطلاق يهدد أمن وإستقرار الأسرة والمجتمع
يقول الدكتور “أمين عبدالفتاح عامر” في كتابه «مفاتيح الحياة الزوجية»، الصادر عن (دار النخبة للنشر) ، إنَّ الحياة الزوجية يقوم فيها الزوجان بالحقوق والواجبات حيث تُثمر المحبة والطُمأنينة وترفرف على البيت السعادة ويعيش الأبناء في رغْد العَيش ومُستقر الحياة.
ويُضيف: عندما تدْخل الجَفوة مَحل المودة وبدلًا من أن تكون الرحمة هي الحاكمة تكون القطيعة والتنآحر، هنا يحدث شرخ يصعُب علاجه، فمتى تنافرت القلوب فإنَّ إلتئامها صعب ومن ثمَّ فقد يكون الطلاق هو أيسر الطُرق وأفضلها بالرغم مما يترتب عليه من آثار.
كما أنَّ الطلاق شيء بغيض ومكروه دُنيا ودين، فالحياة الزوجية وعقد الزواج يُعقد على الدوام والتأبيد إلى أن تنتهي الحياة حتى يتسنى للزوجين بناء عش هادئ ينعمان فيه بالسكينة والمودة والرحمة والحب والأمن.
والحياة الزوجية المستقرة ينشأ في ربوعها الأبناء ويترعرعوا بين أحضان والديهم كل منهما يحب الآخر ويُخلص له ويتفانى في إسعاده.
قُدسية عقد الزواج
ويستطرد الدكتور “عبدالفتاح “فى كتابه «مفاتيح الحياة الزوجية» فيقول: إنَّ الحياة الزوجية شيء مقدَّس ولا ينبغي الإقتراب أو محاولة العبث بها أو الإخلال باستقرارها من قِبَل أحد الطرفين.
كما أنَّ كل شيء من شأنه التأثير السلبي على قوة هذه العلاقة والصلة، فهو مذموم وصاحبه آثم وعليه وزر، وذلك لاشتراكه في إضعاف هذه الصلة ومُساهمته في فوات وذهاب المصالح بين الزوجين.
ويُحذِّر «عامر» الزوجات اللاتي يطلُبن الطلاق دون سبب حقيقي فيقول: إن هناك بعض الزوجات تطلب الطلاق دون أدنى سبب أو ضرورة، فالزواج نعمة من نِعم الله على عباده وبالتالي فإنَّ الطلاق يُعتبر كُفر بالنعمة ولا يحل بأي حال من الأحوال إلا للضرورة القصوى.
و الطلاق شيء بغيض بكل المقاييس، إلَّا أنه في بعض الأحيان يكون علاجًا ناجحًا لبعض الأمراض والمشاكل المُستعصية، إمَّا لفقدان الأُلفة وتنافُر الطبائع وإما لتلافي تنغيص الحياة اليومية سواء بِسوء المعاشرة أو لإنعدام الكفاءة أو لفقدان التعاون بين الزوجين على النسل.