
السوق العربية المشتركة حلم يتجدد السعي لتحقيقه مع كل قمة عربية، ومؤخرًا فتحت قمة جدة ال32 نافذة أمل جديدة لمناقشته.
في الجزء الأول من موسوعة «ومضات على الطريق» الصادرة عن «مؤسسة رسالة السلام للأبحاث والتنوير» بعنوان دراسات ومشاريع حلول لمواجهة المستقبل العربي، وضع فيه المفكر العربي الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي أسس واضحة لتشكيل سوق عربية مشتركة جاءت كالتالي:
- تتطلب تشكيل شركة عربية برأس مال لا يقل عن 5 مليارات دولار تساهم فيها الحكومات العربية بنسبة 50% ورجال الأعمال في الدول العربية بنسبة 50%.
- تكون مهمة الشركة كما يلي:
أ. تنمية التبادل التجاري بين الدول العربية.
ب. بحث إمكانيات تأسيس المشروعات المشتركة في مختلف أوجه النشاط الاقتصادي وتسهيل تدفق الأموال العربية.
ج. المساعدة في البحث عن أسواق جديدة لتصريف المنتجات المصنعة في الدول العربية.
د. إعداد الدراسات وتوفير البيانات والمعلومات اللازمة والمتعلقة بالأمور التجارية والصناعية والزراعية والاستثمارية.
ه. تذليل الصعوبات الناجمة عن انتقال البضائع بين الدول العربية.
و. دراسة فرص الاستثمار في الدول العربية وتوجيه فوائض الأموال العربية للاستثمار في مشاريع البنية التحتية على نظام (البوت) مما يحقق مردوداً أعلى من مردود الاستثمار في خارج العالم العربي، بالإضافة إلى حل مشاكل البنية التحتية للدول العربية.
- تشكيل لجنة لإعداد مشروع إنشاء الشركة العربية للتسويق يمثل فيها القطاع الحكومي والقطاع الخاص ، وان يتم إنشاء أربعة فروع لها على أن يكون المركز الرئيسي مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية وذلك لما للمملكة من مكانة اقتصادية وجغرافية مرموقة تؤهلها لذلك. أما الفروع فتكون في تونس في المغرب العربي والقاهرة وبيروت في المشرق العربي ، ودبي في مجلس التعاون الخليجي.
هنا يتضح بأنه لابد من وضع خطة مستقبلية تستوعب كافة الطاقات الاقتصادية وتوظيفها توظيفاً علمياً سليماً وبنظرة شمولية وحيادية إلى كافة قطاعات المجتمع، والذي في النهاية إما أن يكون مجتمعاً فعالاً كل له دوره في التنمية، وإما أن يتحول إلى طاقاتٍ معطلةٍ مبددةٍ ويتراجع التفكير الشمولي ليصبح تفكيراً محدوداً ضيقاً، يكون محيطه دائرة الفرد والأسرة فقط مما يؤدي إلى تفتت الجهد المشترك لمواجهة متطلبات التطور، وعندها تبدأ الكارثة.
فالغربُ وغيرهم من الأمم يبحثون عن مصالحهم مستخدمين كافة السبل والوسائل لتحقيقها، ونحن العرب من حقنا أيضاً استخدام كافة السبل والوسائل بما نملك من ثروةٍ وخبرةٍ وعلمٍ يجب أن تستثمر في تحقيق أهدافنا الوطنية، فلسنا بأقل من الدول المتقدمة، لكننا وللأسف الشديد انشغلنا في صراعات هامشية وقضايا ثانوية لا تخدم مصالح شعوبنا ولا مصالح أوطاننا، إنما في حقيقة الأمر تكون نتيجتها أن تصب في مصالح القوى الأخرى، كما أن كافة المحاولات التي تبذلها الحكومات العربية مع بعضها بعقد اتفاقيات ثنائية تبقى في إطار التمنيات دون أن يكون لها تأثير فعال على الواقع، إنما هي إطار عام للتعاون يحتاج إلى آلية ذات فائدة تعود عليها من جراء جهدها ، ونتائج مادية ملموسة تدفعها دائماً إلى البحث عن أسس جديدة لزيادة مواردها، وذلك يشكل حافزاً مهماً لها بالبحث الدؤوب عن أساليب مختلفة وخطوات متتابعة لتحقيق أهدافها في النمو.
إن ما يخيفني من معركة السلام، أن تستطيع إسرائيل بمالها من كفاءاتٍ وقدراتٍ على المناورة والتخطيط ، أن تقوم بتوظيف فائض الأموال العربية لخدمة مصالحها مما يمكن لها السيطرة الاقتصادية، كما كان لها السيطرة العسكرية في السابق ، وحينذاك ستكون لها الأمور ميسرة، حيث ستأخذ أشكالاً مختلفة ووسائل في ظاهرها البراءة وباطنها السيطرة والاستغلال لأننا لم نصحو بعد، ولم ندرك أهمية التعاون والتنسيق في تشكيل مستقبل العالم العربي.