
يتساءل الكثيرون لماذا يصدر عن بعض الأطفال سلوكيات وألفاظ سيئة، رغم صغر سنهم ويتعاملون بالفطرة ولم يتعلموا شيئًا من الدنيا بعد؟
الإجابة تكمن في وجود القدوة في حياة الطفل، حيث تعتبر أخطر وسائل التربية، ففي السن المبكرة لا يتأثر بالتلقين ما لم توجد أمامه القدوة الصالحة.
القدوة إذا كانت حسنة، فإن الأمل يكون كبيرًا في صلاح الطفل وإذا كانت القدوة سيئة، فإن الاحتمال الأرجح هو فساده، فقدرته على المحاكاة كبيرة جدًا.
وتأكيدًا لأهمية القدوة الحسنة قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ» (التحريم: 6).
القدوة العملية أخطر وسيلة لتربية الأطفال
القدوة العملية لها أثر كبير في التأثير على الطفل في جميع أفعاله وتصرفاته، مثل الأشياء التي لا يفهم الحديث عنها كالعدل والسماحة والكرم.
الأطفال يلتقطون بوعي وغير وعي كل ما يرونه أو يسمعونه، فإذا رأوا آبائهم أو أمهاتهم يكذبون، لا يمكن أن يتعلموا الصدق وهكذا في كل الأمور.
الوالدان هما القدوة والأسوة التي يحتذي بها الطفل، فهو يكتشف من الوالدين مواقفهما، ويتربى بسلوكياتهما وسلوكيات الأصدقاء والإخوة.
التربية ليست وظيفة لها وقت دون آخر، وإنما في كل السلوكيات يتربى الطفل؛ لذلك ينبغي للأبوين أن يكونا في غاية الحذر من تصرفاتهما أمام الأبناء.
حال وجود القدوة الحسنة التي تسير وفقًا لتعاليم الإسلام، فإنَّ كثيرًا من الجهد المطلوب لتنشئة الطفل على الإسلام يكون ميسورًا، لأنه سيتعلم القيم الإسلامية ممن حوله وسوف تتم تلقائيًّا.
سلوكيات الأسرة أساس صياغة فكر الطفل
صياغة فكر الطفل يتم تأسيسها منذ نعومة أظافره فيشب على ما شاهده وتتعود عيناه على ما يطالعه وأذناه على سماع ما زُرع في وجدانه داخل الأسرة، وذلك في ظل وجود القدوة.
الطفل في حاجة ماسّة إلى الترابط الأسري والقيادة الواعية، فعلى الوالدين التنبه إلى ما يقدمان للطفل في تلك المرحلة الحرجة في حياته.
ترسيخ تعاليم الإسلام بين أفراد الأسرة له كبير الأثر على خروج أطفال أسوياء بعيدين تمامًا عن السلبيات الناتجة عن تشوهات التربية الخاطئة.
التناقض بين تصرفات الأبوين يأتي بنتيجة سلبية في التربية، دون أنْ يدريا بالخطر، حيث يجب أن يتطابق قولهما مع فعلهما.
جاءت توجيهات الإسلام لرعاية النشء من قبل أنْ يكون طفلًا حيث شملته الرعاية الإلهية وهو ما زال في بطن أمه حملًا ثم جنينًا ورضيعًا وطفلًا.
الخطاب الإلهي جعل للأبناء أهمية عظمى، فقال تعالى: «الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا» (الكهف: 46).