الأسرة والمجتمع

الطلاق الحرام في الخِطاب الإلهي

«الطيب»: الإنفصال لا يُباح إلَّا في حالات الضرورة القُصوى

الطلاق مِنَ الأمور التي شرَعَها القرآن الكريم، ولكنَّه جَعَلها من الأمور المُقيَدة بشروط حِفاظاً على إستقرار الأُسرة والمجتمع.

و تنبأ القرآن الكريم بالعواقِب الوَخِيمة والمشاكِل المُترتِبة على الإنفِصال الأُسري والتي تتسَبب في تدمير الأسرة وتَشْريد الأبناء، وضَرْب استقرار المُجتمعات.

ويعود سبب تفَشِي ظاهِرة الطلاق والإنفصال إلى الفَهْم الخاطئ للنُصوص الشَرعية من قِبَل الفُقهاء وأصحاب الخِطاب الديني المُتشدّد.

الطلاق نِتاج طبيعي للخِطاب الديني المُتطرِف

يقول الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، إنَّ فَوضى الطلاق هي أَحَد مَظاهِر الفوضَى في فَهْم النُصوص الشَرعية.

وأضاف «الطيب» خِلال برنامجه الأُسبوعي عَبْرَ الفضائية المصرية أَّنَّ سبب تفَشِي الظاهِرة هو التَفْسير الخاطِئ للنصوص الشَرعية وما ترتَب على ذلك مِنْ استباحَة الطلاق بشكل مُطلق.

مُشيراً إلى أنَّ هناك مَنْ يستَغِل الطلاق كوسيلة شَرعية سَهله للتخلُص مِن الزوجة الأُولى للإرتباط بزوجة أُخرى.

الطلاق مُقيَّد بشروط والرجُل ليس حُرًا في قرار الإنفِصال

وأكدَّ (الطيب) أنه ليس صحيحًا أنَّ الإنسان حُراً في أنْ يُطلِق زوجته في أي وقت وفي أي مكان وبدون أي أسباب.

وأن هناك نَوعين من الكُره بين الزَوجين أولهما لا يؤدي إلى الإنحراف، وقد شَجَّع القرآن على تَحمُّل هذا النَوع وأغرَى بالصَبْر عليه، كأنَّه يكرَهَها لكنَّها مُؤدَبة ولا تُسِيء له.

وأشارَ إلى قول الله تعالى «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًاۖ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍۚ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا»   (النساء:19)

وذكر أنَّ كل شيء في هذا الكَون له مُقابِل عند الله تعالى كما يقول: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا»  (الكهف: 30).

ويُشير «الطيب» إلى النَوع الثاني من الكَراهية وهو الكُره الذي يتسبب في البَغْضاء الموجِبَة عَدَم إقامة حُدود الله، كما يقول تعالى: «إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ»   (البقرة: 229).

و جَعَل القرآن الكريم في الطلاق فُسحَة لِحَل أزمة إستَحَال على الأُسرة والقُضاة حلّها بعد إستِحَالة العِشْرَة بين الزوجين.

يقول تعالى: «الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ».   (البقرة: 229).

الطلاق الحرام في القرآن الكريم

وأوضح «الطيب» أنَّ هناك كُره يُمكِن الصَبْر عليه وتستَمِر معه الحياة، لكنْ هناك كُره قد يدفع الشخص للإنحراف والتجاوز في حقِ الطرَف الآخر، وهذا النَوع مُبيح للطلاق.

مُشيراً إلى أنَّ الإسلام دائمًا يُعطِي ميزانًا للأضرار، والقاعِدة هي أنَّ الضَرَر الأكبر يُزال بالضَرَر الأصغر، وهو إنحراف الزَوج إذا استمر مع زوجته، بينما هناك ضَرَر أصغر وهو الطلاق، لذلك نُزيل الضَرَر الأكبر بالضَرَر الأصغر.

كما أنَّ الطلاق الذي يقع بِغَير ضرورة يكون نُكْران للنَعمَة وسُوء أدَب وإلحاق ضَرَر بالزَوجَة وأهلَها وأولادِها، خاصةً أنَّ لدَينا الآن فوضَى في إستخدام الطلاق.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى