الخطاب الإلهى

الطيب: الخطاب الإلهي واحد في جميع الأديان

شيخ الأزهر: العالَم المُعاصر يعاني من أزمة غياب الضمير الإنسانى والأخلاق الدِّينيَّة

أوضح د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أن الأديان الإلهيَّة بريئة من الحركات والجماعات المسلَّحة التى تُسمَّى حديثًا بـ «الإرهاب»، كائنًا ما كان دينها أو عقيدتها أو فكرها، أو ضحاياها، أو الأرض التى تُمارِس عليها جرائمَها المنكرة.. فهؤلاء قتلة وسفاكون للدِّماء ومعتدون على الله ورسالاته.. ودعا المسؤولين شرقًا وغربًا أن يقوموا بواجبهم فى تعقُّب هؤلاء المعتدين والتصدى لهم بكل قوة، وحماية أرواح الناس وعقائدهم ودور عباداتهم من جرائمهم.

جاء ذلك في كلمة ألقاها د. أحمد الطيب شيخ الأزهر في: اللِّقاء العالَمى للأُخوَّةِ الإِنْسَانيَّة بأبو ظبى فى الإمارات العربية المتحدة، موضحا أن الأديان أجمعت على تحريم الدِّماء، وأن الله حرَّم قتل النفس فى جميع رسالاته الإلهية: صرخ بذلك موسى عليه السلام فى الوصايا العشر على جبل حوريب بسيناء، ثم صدع به عيسى عليه السلام من فوق جبل من جبال الجليل، بالقرب من كفر ناحوم بفلسطين، «فى كنزه الأخلاقى النفيس» الذى يُعرف بموعظة الجبل، وجاء محمد ﷺ وأعلن للناس من فوق جبل عرفات فى آخر خطبة له وتُسمَّى خطبة الوداع، أعلن ما أعلنه أخواه من قبله.

 

 

وأضاف شيخ الأزهر: تلاحظون وحدة الخطاب الإلهى ووحدة معناه، بل وحدة المنصَّات التى خطب عليها هؤلاء الأنبياء الكرام، وهي: جبل الطور بسيناء فى مصر، وجبل من الجبال فى فلسطين، وجبل عرفات بمكَّة فى جزيرة العرب.

ومن هذا يتضح جليًّا أنه ليس صحيحًا ما يُقال من أن الأديان هى بريد الحروب وسببها الرئيسى، وأن التاريخ شاهد على ذلك، مِمَّا برَّر ثورة الحضارة المعاصرة على الدِّين وأخلاقِه، وإبعاده عن التدخل فى شؤون المجتمعات، بعدما سرت هذه الفرية – سريان النار فى الهشيم- فى وعى الناس والشباب، وبخاصةٍ فى الغرب، وكانت من وراء انتشار دعوات الإلحاد والفلسفات الماديَّة ومذاهب الفوضى والعدميَّة والحرية بلا سقف، وإحلال العلم التجريبى محل «الدِّين»، ورُغم ذلك، وبعد مرور أكثر من ثلاثة قرون على الثورة على الله وعلى الأديان الإلهية جاءت المحصلة كارثية بكل المقاييس، تمثَّلت فى مأساوية الإنسان المعاصر التى لا ينكرها إلَّا مكابر.

والحق الذى يجب أن ندفع به هذه الفرية هو أن أوَّل أسباب أزمة العالَم المُعاصر اليوم إنما يعود إلى غياب الضمير الإنسانى وغياب الأخلاق الدِّينيَّة، وتَحكُّم النزعات والشهوات الماديَّة والإلحاديَّة والفلسفات العقيمة البائسة التى ألَّهت الإنسان، وسخرت من الله، ومن المؤمنين به.. واستهزأت بالقيم العليا المتسامية التى هى الضَّابط الأوحد لكبح جماح الإنسان وترويض «الذئب» المستكن بين جوانحه.

وقال الطيب، أن الحروب التى انطلقت باسم «الأديان»، وقتلت الناس تحت لافتاتها فإنَّ الأديان لا تُسأل عنها، وإنما يُسأل عنها هذا النوع من السياسات الطائشة التى دأبت على استغلال بعض رجال الأديان وتوريطهم فى أغراضٍ لا يعرفها الدِّين ولا يحترمها.

ونحن نقر بأن هناك من رجال الأديان مَن تأوَّل نصوصها المقدَّسة تأويلًا فاسدًا، لكنا لا نقر أبدًا بأن قراءة الدين قراءة أمينة نظيفة لا تسمح أبدًا لهؤلاء الضالين المضلين بالانتساب الصحيح إلى أى دين إلهى، ولا تُبرِّر لهم خيانة أمانتهم فى تبليغه للناس كما أنزله الله.

على أن هـذا الانحراف الموظَّف فى فهم النصوص ليس قاصرًا على نصوص الأديان واستغلالها فى العدوان على الناس، بل كثيرًا ما يحـدث مثله فى أسواق السياسة، حين تُقرأ نصوص المواثيق الدولية المتكفلة بحفظ السلام العالمى قراءة خاصَّة تبرر شنَّ الحروب على دول آمنة، وتدميرها على رؤوس شعوبها، ولا مانع بعد أن تقضى هذه السياسات شهواتها العدوانية البشعة.. لا مانع من الاعتذار للثكالى واليتامى والأرامل بأنها أخطأت الحساب والتقدير.. والأمثلة على ذلك واضحة وضوح الشمس فى رابعة النهار.
وختم شيخ الأزهر بالقول: من أجل ذلك نادينا فى هـذه الوثيقـة «بوقـف استخدام الأديان، والمذاهب، فى تأجيج الكراهية والعنف والتعصُّب الأعمى، والكفِّ عن استخدام اسم الله لتبرير أعمال القتل والتشريد والإرهاب والبطش، وذكَّرنا العالَم كله بأن الله لم يخلق الناس ليُقْتَلوا أو يُعذَّبوا أو يُضيَّق عليهم فى حياتهم ومعاشهم… والله – عز وجل – فى غنى عمَّن يدعو إليه بإزهاق الأرواح أو يُرهب الآخرين باسمه».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى