
استعرض الباحث والمفكر الإماراتي، علي محمد الشرفاء الحمادي، في المقالين السابقين، الأزمة التي يعيش فيها أتباع المذاهب السنية والشيعية، بسبب المؤامرة التي حاكها اليهود والمجوس لهم، فصارت كل طائفة منهم تدعي أنها الأقرب للإسلام الصحيح وأن أتباع المذاهب الأخرى، إنما هم على الباطل، بل يتمادون في الأمر فيعتبرونهم كفارًا ويستحقون القتل لارتدادهم عن الطريق القويم والدين السليم، ويستكمل الكاتب الكبير في ثنايا كتابه الكاشف للحقائق «المسلمون.. بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي»، والصادر عن «دار النخبة للطبع والنشر والتوزيع»، الحلقة الثالثة من مقاله (الفخ الذي سقط فيه «السنة والشيعة») فيقول:
(وَمَن يبتغِ غَير الإسْلَام دِينًا فَلَن يُقبَلَ مِنْه وهُو فِي الآخِرةِ مِن الخَاسِرين) (آل عمران: 85).
بهذه الآية، لن يقبل الله تعالى من المسلمين يوم القيامة أن يبعثوا بمسميات ومصطلحات غير الإسلام دون مذاهب اختلقها البشر لأسباب سياسية أو لتحقيق مصالح دنيوية، بل المسلم الحق هو من اتبع المنهج الإلهي في القرآن الكريم، واتبع ما علَّمهم رسول الله ــ عليه الصلاة والسلام ــ في كيفية إقامة الشعائر الدينية وتطبيق السلوك الأخلاقى، واتباع الفضيلة، والالتزام بالعدل في المعاملات والعلاقات الإنسانية، أساسها الرحمة والإحسان والابتعاد عن الظلم بكل أشكاله.
وللخروج من هذا المأزق، على المثقفين والعلماء من المسلمين جميعًا تشكيل مجلس مُوحَد يتخذ من القرآن مرجعًا وحيدًا في البحث عن عناصر المنهج الذي وضعه الله تعالى للناس تشريعًا للعلاقات الإنسانية وضابطًا للمعاملات بينهم، وأساسًا لأخلاقيات كريمة في التعامل بينهم، وقيمًا نبيلة تحقق التقارب والمودة والتراحم بين الناس جميعًا، وقواعد تشريعية تحافظ على أمن المجتمعات الإنسانية وتحقق العدالة وتنشر السلام، وإعداد دستور إسلامي مبني على مقاصد الآيات القرآنية الكريمة لصالح العِباد جميعًا. لا ظلم فيه ولا طغيانَ قَوْم على غيرهم، يحمي عقائد الناس المختلفة، ويحمي حرية الإنسان ويَكْفُل له الحياة الآمنة، ويحافظ على حقه في الحياة والسعي في الرزق دون عدوان، ليؤدي المُسْلِم تكاليف العبادات كما أمر الله وعلَّمهم رسوله ممارسة الشعائر الدينية دون استعلاء على غيرهم من الأديان.
فالله تعالى وحده سيفصل بالحق بين الناس يوم القيامة، ولم يكلف الله أحدًا من رسله أو عباده بأن يكونوا أوصياء على الناس في أديانهم، بل أمر رسله بأن يبلغوا الناس خطابه وهو وحده المتكفل بحسابهم لتصحيح المفاهيم الخاطئة التي استقرَّت في أذهان الناس قرونًا طويلة.
وآن الأوان لتصحيح المسيرة باتجاه الشريعة القرآنية، والاتفاق على إمام واحد للمسلمين هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعدم الالتفات للروايات المنقولة كافة من المُنتمين للسُّـنَّـة أو المُنتمين للشيعة، فكل الروايات دون استثناء اُستُحدثت لهدم رسالة الإسلام وخلق الفتنة بين المسلمين جميعًا، فالماضي يُقِر بذلك والحاضر نعيشه بكل مآسيه.
وماذا ننتظر وإلى متى سنظل نعيش في الظلمات، والله تعالى يدعونا بقرآنه ليخرجنا إلى النور؟