القرآن بريء من فتاوى «الزوج الناشز»
الإسلام حرّم التأديب البدني للمرأة إلا في حالة استثنائية وحيدة

«ضرب الزوج الناشز وسيلة شرعية لتأديبها ويحق للرجل عقاب امرأته بدنيًا وقتما يشاء».. هذه واحدة من أكثر الأخطاء الشائعة في تنظيم الحياة الزوجية والتعامل مع النساء.
وللأسف الشديد، فالمروجون لذلك الخطأ الشائع يستندون إلى آية قرآنية، وفق زعمهم وللفهم الخاطيء لإحدى آيات القرآن الكريم، وهو قوله تعالى: «وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا» (النساء: 34).
وعن تصحيح هذا المفهوم الخاطيء، قال الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن موضوع ضرب الزوج الناشز أُسيء فهمه وتعرّض القرآن والدين الإسلامي الصحيح للظلم في هذه المسألة، بسبب ما توقعه كلمة الضرب من جرس ثقيل على النفس البشرية التي لا تقبل أن يضرب إنسان إنسانًا.
فالإسلام نفسه لا يقبل أيضًا بذلك، ويجب أن يكون مفهوم الضرب واضحًا للناس، لأن الضرب (وهو في حقيقته ضرب رمزي لا غير) أُبيح في حالة معينة، وباعتباره دواء لعلة طارئة يجب أن نفهمه فهمًا صحيحًا بعيدًا عن كلمة الضرب التي يتخيلها الناس.
وأضاف د. أحمد الطيب، خلال الحلقة ٢٦ من برنامج (حديث شيخ الأزهر) على التليفزيون المصري، أن ضرب الزوج ليس مطلقًا ولم يقُل بذلك الإسلام ولا القرآن ولا يمكن أن تأتي به أي شريعة أو أي نظام يحترم الإنسان.
ولكن الضرب الرمزي يأتي في حالة المرأة الناشز كحل ثالث إن لم يصلح معها النصح والهجر.
وهذا الضرب الرمزي له ضوابط وحدود، ويستخدم في حق الزوج التي تريد أن تقلب الأوضاع في الأسرة وتتكبر على زوجها.
فالضرب هنا يكون لجرح كبرياء المرأة التي تتعالى على زوجها..
وعلاج الضرب يُساء فهمه لدى كثيرين رغم ما حددته له الشريعة الإسلامية من ضوابط وحدود بحيث يكون رمزيًا لا يحدث أذى جسديًّا أو معنويًّا لأن غرضه التهذيب لا الإيذاء.
وأوضح شيخ الأزهر، أن خيار الضرب الرمزي هو الخيار الثالث بعد النصح والهجر، وهو ليس فرضًا ولا واجبًا ولا سنة ولا مندوبًا، بل هو مباح للزوج إذا وجد نفسه أمام زوج ناشز وتأكد له أن هذه الوسيلة الوحيدة هي التي سترد المرأة لصوابها.
فيُباح له أن يلجأ إلى الضرب الرمزي هنا، وهذا استثناء من أصل الممنوع، فالضرب كأصل ممنوع في الإسلام، ولأنه استثناء فقد وضُعت له شروط حازمة.
فغير الناشز يُحرم ضربها حتى لو وقع بين الزوجين خلاف، ويحرم على الخاطب أن يمد يده على خطيبته، وشرط آخر أن يكون ضرب الزوج للزوجة بهدف الإصلاح لا العدوان.
ودعا شيخ الأزهر الدعاة والمفتين الذين يتصدون للفتوى عبر الشاشات أو في أي مكان أن يبينوا للناس حقيقة وطبيعة ضرب الزوج الناشز على الوجه الصحيح الذي حددته الشريعة الإسلامية ورسمت ضوابطه وحدوده، وحرمة الضرب المطلق، وأن يُزيلوا الصورة المشوّهة عن الإسلام والقرآن في هذا الشأن.
فكلمة ضرب لها مراتب عديدة، وضرب الزوج الناشز يكون بما لا يحدث لها أذى وإنما يكون لتهذيبها وإصلاح شأنها وعودتها إلى المسار الصحيح للأسرة، والإسلام هدفه في ذلك الحفاظ على الأسرة وحمايتها من التشتت والضياع.