الخطاب الإلهى

القرآن يفسر بعضه بعضًا

استخلاص سمات النص القرآني لا بد أن يتم عبر آيات الكتاب الكريم نفسه

تحت عنوان «المسلم والقرآن» كتب د. محمود خليل مقاله المنشور في جريدة «الوطن» حول الطريق إلى فهم واستيعاب القرآن.

استهل الكاتب مقاله بتوضيح أن أولى خطوات فهم أي نص تتمثل في معرفة سماته، واستخلاص سمات النص القرآني لا بد أن يتم عبر آيات الكتاب الكريم نفسه.

مصطلح «القراءة» 

وأضاف ان أول كلمة نزل بها الوحي على النبي، صلى الله عليه وسلم، هي كلمة اقرأ: «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ». والقراءة هي أول سمة من السمات التي وصف بها النص القرآني نفسه.

وأشار إلى أن مصطلح «القراءة» يحمل في طياته أفعالاً تتجاوز المطالعة إلى الفهم واستخلاص المعاني لتتفاعل بعد ذلك داخل عقل الإنسان وتتحول إلى معتقدات، وداخل وجدانه لتتحول إلى اتجاهات.

وأكد كاتب المقال على أن القرآن كتاب للقراءة والتدارس والفهم والاستيعاب واستخلاص المعاني التي تشكل أساساً للسلوك الإنساني.

من سمات النص القرآني الوضوح والبيان

وأشار إلى السمة الثانية التي وصف بها القرآن نفسه بأنها «الوضوح» و«البيان»، فالله تعالى نص أن الكتاب الكريم نزل بلسان عربي «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيَّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ». فقد نزل القرآن بلغة العرب حتى تكون رسالته واضحة ومفهومة بالنسبة لهم.

وأوضح أن اللسان العربي الذي ينطق به القرآن الكريم لسان مبين: «بِلِسَانٍ عَرَبِىٍّ مُّبِينٍ»، أي واضح لا يوجد فيه لبس أو غموض في المعنى.

والله تعالى يقول: «وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِىٌّ وَعَرَبِىٌّ». فالله تعالى يسّر القرآن بلغة العرب وليس بلغة أخرى أعجمية لأنه اختار إنساناً عربياً لحمل رسالته.

ولفت إلى أنه بالتالي فكل من يتحدث العربية أو يقرأ بها لا يحتاج إلى وساطة في التعامل مع القرآن، وعليه أن يقرأه مباشرة ويحاول تفهم معانيه، ويعود إلى الكتب التي تشرح معاني الكلمات التي يغمض عليه معناها ودلالتها.

التواصل مع القرآن

وحتى إذا كان المسلم لا يجيد القراءة والكتابة فعليه أن يتواصل مع القرآن استماعاً. والمستمع مثل من يقرأ مطالب بحسن الإنصات والتركيز في فهم الآيات واستخلاص المعاني منها «وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ».

وأكد الكاتب على أن المسلم الذي يجيد العربية لا يجعل وسيطاً بينه وبين القرآن الكريم. فالقرآن وحي السماء، لذا لا بد من التقاطه وفهمه غضاً نقياً من خلال المصحف ذاته، وليس من خلال وسائط بشرية، مهما كانت براعة أصحابها فإنها في النهاية لا تعدو الاجتهاد الذي قد يخطئ وقد يصيب، وهي في المجمل اجتهاد بشر وليست وحياً من السماء.

فهم واستيعاب القرآن كبناء كلي

وذكر ان السمة الثالثة هي أن القرآن نص يفسر بعضه بعضاً. فالنص القرآني كل متكامل لا يصح التعامل معه أو فهمه بشكل جزئي، بل كبناء كلي، يقدم مجموعة من التباديل والتوافيق والصيغ المختلفة للتعامل مع الظروف المتغيرة على المستويين الزماني والمكاني، وفي هذا الإطار يصح أن نتواجه بشجاعة مع مسألة الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم، والتي تعني أن بعض آيات القرآن الكريم نسخت الأحكام التي تحملها آيات أخرى نزلت بعدها. ولهذا الموضوع مقام آخر أفصله فيه.

والسمة الرابعة وهي أخطر السمات وتتعلق بأن الله في غنى عن أن يحفظ البشر القرآن الكريم في ذاكرتهم ويكررون آياته الكريمة بألسنتهم. فالله تعالى يقول: «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ»، ويقول: «وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ».

القيم الإنسانية في كتاب الله

وذكر الكاتب في مقاله أن القرآن الكريم أساسه معانٍ إنسانية وقيم وأخلاقيات تحكم علاقة المسلم بالسماء وعلاقته بغيره من البشر، والحفظ الحقيقي للقرآن معناه تمثل هذه المعاني والقيم والأخلاقيات في السلوك.

وفي ختام المقال ضرب مثلًا عل ذلك بأن السيدة عائشة، رضي الله عنها، كانت تصف النبى، صلى الله عليه وسلم، بأنه: «قرآن يمشي على الأرض»، ولم يؤثر أن كبار الصحابة كانوا من القراء أو حفظة القرآن الكريم، لكن سلوكهم يشهد على تمثلهم كل ما يأمر به وما ينهى عنه في حياتهم اليومية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى