القرآن يكشف أكاذيب تُجار الدين
الخطاب الديني بُني على روايات مكذوبة لتحقيق مكاسِب دنيوية

الخِطاب الإلهي وهو القرآن الكريم خِطاب شامل يدعو للرحمة والعدْل على عكس الخِطابَ الديني، الذي اعتمدَ على رواياتٍ وأقوال بشرية لا يمكن بأي وسيلة التأكُد من مصداقيتها.
والمُتأمل في آيات القرآن الكريم يرى أن الخِطاب الإلهي كشَف أوصياء الدين أو كما يُلقبونهم بـ«تُجار الدين» الذين نصَّبوا أنفسهم مُلوكاً على الأرض باسم الدين.
وقد كَشَف الله في كتابه العزيز زَيف وكذِب هذه الإدعاءات وأن الفُقهاء والدُعاة ما هم إلاَّ أدعياء اخترعوا خطاباً دينياً مُشوهاً يعتمد على روايات وأساطير مَكذوبة لتحقيق زعَامة دُنيوية وأغراض شخصية.
الخِطاب الإلهي يدعو للرحمة والعدْل
يقول المُفكر الكبير (علي محمد الشرفاء الحمادى ) في كتابه «المسلمون بين الخِطاب الديني والخِطاب الإلهي» أنَّ الله خاطَب رسوله «تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ» (الجاثية :6)
وأكدَّ أنَّ الخِطابُ الإلهيُّ اعتمدَ على آيات القرآنِ التي تشِع نورًا لصالِح الإنسانية كلها وفيها الرحمة والعدْل والحُرية والإحسان والسلام والتعاون والمُساواة بين الناس جميعًا.
وأوضح أنَّ البعض نشَر رواياتِ سُميت زُورًا وبُهتانًا بالأحاديثِ منسوبة لبعض الصحابة منْ أجْل إضفاء الشرعية الدينية عَليها بالرغم من تَنَاقُضِهَا مع التَشريعِ الإلهي، حيثُ اختصَّ لهُ سُبحانَهُ وَحدَهُ بالتشريعِ لعبادهِ.
وذكَر أنَّ الله كلّفَ الأنبياءَ والمُرسلينَ بإيصالِ رسالته للناسِ وتعليمِهِم وإرشادهم لحكمة مَراد الله في آيَاته وتوَضيحِ مَعانيهِ وقد قَالَ اللهُ في كتابِهِ الكريم «وَجَعَلناهُم أئِمَّةً يَهدونَ بِأمرِنا وَأوحَينا إِلَيهِم فِعلَ الخَيراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإيتاءَ الزَّكاةِ وَكانوا لَنا عابِدينَ» (الأنبياء:73)
وأشار إلى إنقلابِ المسلمين على الكِتابِ حِينمَا تحوّلوا إلى فِرَقٍ كلٌّ لَهُ مَرجعيتُهُ ومنهجُهُ، لا تَستَنِدُ إلى شرعِ اللهِ الّذي جَاء في كِتابِهِ الكريمِ، وأدَى بِهم إلى الإقتِتَال بسبب تَعصُّب كل طائفةٍ لمنهجِها وقادتِها من أئمة وشيوخ الدين.
ولفت إلى ما أجّجته الخِلافاتُ الفقهيّةُ بانتماءاتها لمرجعيات متنافسة إلى الصِراع بين الفِرَق والطوائف الإسلاميّة والتسابُق لإرضاء الخُلفاء والسلاطين.
وأوضح أنَّهم يفعلون ذلك لتحقيق مكاسِب دنيوية وحب السُّلطة وتحقيق مكانة اجتماعية ترضي الذات وتستمع بكثرة الأتباع تؤمن لهم إشباع طموح النفس والاستعلاء على الأدنى منهم.
وأكد أنَّهم استخدموا الرّواياتِ المُختَلَقَةِ ما يُبرّرَ لَهُم أفعالَهم مستندين عليها حُجة في صحة فَتاواهم وأنشئوا مرجِعيات مُتنافسة فيما بينهم.
وقال: كلٌ يستعلِي على غيره غُرورًا وعِزة بالباطل، ما أجّجَ الصِراع بين الأفكار المُتناقضة أدى للصراع بينهم، ثم الإقتتال بين الطوائف الإسلامية والمذاهِب المختلفة وسَقَط فيها آلاف القَتلى من أصحاب رسول الله (عليه الصلاة والسلام) واستمر مشهد الدماء بعد ذلك على طول الزمن إلى اليوم.
وأكد أنَّ الله أرسلَ رسولَهُ محّمدًا (صلّى الله عليه وسلّم) ليُبلّغَ رسالةً إكتمَل فيها التشريعُ الإلهي لعبادة الإله الواحد الحيّ القيوم سبحانه وضَع الله فيه قواعد العدْل للحُكم بين الناس في كل علاقاتهم الأُسرية والتِجارية.
القرآن َوضَع ضوابِط لجميع المُعاملات
وأوضح أنَّ القرآن وضع ضوابِط لجميع المُعاملات واتباع القيَم الإنسانية والفضائل القرآنية تأكيدًا لقولِهِ تَعَالى «لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوامِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ» (آلِ عمران :(164)
وأشار إلى أنَّ اللهُ سُبحَانَهُ وتعالى حدّدَ لِرسولهِ في مَهَمّتِهِ العظيمةِ للبشريةِ، كَمَا في قَولهِ تَعَالى «إِنَّا أرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا» (الأحزاب:45)، وقَولِهِ تَعالى «قُل يا أيُّهَا النّاسُ قَد جاءَكُمُ الحَقُّ مِن رَبِّكُم فَمَنِ اهتَدى فَإِنَّما يَهتَدي لِنَفسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيها وَما أَنا عَلَيكُم بِوَكيلٍ» (يونس:108)
ولفت إلى أنَّ الرسول لم يكنِ مُشرِّعًا ولكنّه كانَ مُبشِّرًا ونَذيرًا، لِيُعَلِّمَ الناسَ الحِكمَة ويَشرح لهم كلامَ اللهِ ويُفسّر لَهُم مَا استعْصى عليهِم فَهمُهُ ويعرفهم شعائر العِبادات والتعامُل فيما بينهم بالرحمة والأخلاق والفضيلة.