
حذَّر القرآن من التشدد والغلو ونهى عنه، كونه مرض عانت منه كثير من الأمم السابقة، ما أدى إلى هلاكهم، ويدل على الجهل بحقيقة الإسلام.
الغلو والتشدد يكمن في فهم النص القرآني وفق قواعد وأسس غير سليمة وبعيدة عن الوسطية والاعتدال، وهذا يأتي نتيجة الجهل بأحكام الشريعة الإسلامية، وهناك آخرين يغالون في الدين طلبًا في أغراض دنيوية وبعيدًا عن خوفهم على الدين.
القرآن الكريم نهى عن التشدد والغلو
الغلو يكون بتعدي الحد الذي أمر الله به بالزيادة عليه أو التشديد فيه، وهذا التعدي هو الطغيان الذي نهى الله عنه.
قال الله سبحانه وتعالى «وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي» (طه : 81).
وقال تعالى «يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا» (النساء : 171).
بلغ الغلو بأناس أنْ هجروا المساجد وتركوا معاملة الناس ومنهم من قاطع المدارس والوظائف؛ لأنهم يروْن المجتمع كافر.
الإسلام ينهى وبكل قوةٍ عن التشدد لما يترتب عليه من تفويت للمصالح الدينية والدنيوية ولا خير فيه، بل هو سبب للإفساد والنفور والخروج من الدين.
الغلو والتشدد يمزق الأمة
ويظهر التطرف الديني في التعصب لشخص أو لجماعة والإيمان بفكرها بعيدًا عن دين الإسلام والقرآن الكريم الذي أنزله الله ليكون دستورًا للمسلمين.
ودخل البعض في حالة التشدد والغلو، عندما لم يفرقوا بين النص الإلهي وأقوال العلماء، حيث يعتبرون أنَّ أقوال العلماء دينًا غير قابل للخطأ أو المناقشة.
ويُقابل الغلو؛ التفريط وهو التساهل وإضاعة حدود الله وأوامره، وهو يؤدي إلى الجفاء بسبب البعد عن اتباع الشرع الذي أقره الله في القرآن الكريم.
معالجة التشدد والغلو، تأتي عن طريق نشر التعاليم الصحيحة للدين دون السماح لأشخاص بالتأثير في أو الاستحواذ على الأمور، حسب أهوائهم وآرائهم.
منهج الإسلام يقوم على اليُسر والبعد عن التعسير ورفض التشدد، فكانت الوسطية هي الأساس في القرآن الكريم.
وتحدّث القرآن عن الوسطية فقال تعالى: «وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ» (البقرة: 143).