ملفات خاصة

القضية الفلسطينية بين الدول العربية والتيارات الدينية

انقسامات دورية بين الأطراف التي من المفترض أن تكون طرفًا صلبًا في ظهر الشعب الفلسطيني

لا يمكن لعاقل أن يراجع ما حدث مع الفلسطينيين من أفعال منذ بدء الصراع، وما يحدث الآن في غزة، إلا ويتأكد أنهم شعب وقع عليه ظلم بين، حيث تكالبت عليهم قوة عدوهم العسكرية والسياسية، بالإضافة إلى التورط في سياسات خاطئة لم تسعفها المقاومة المسلحة لأخذ الحق، أو حتى تحريك القضية بشكل يُظهر للعالم مدى أحقيتهم على جانب، ومدى الظلم الواقع على جانب آخر.

جاء هذا في مقال بعنوان «سوق الخيانة والكفر» للكاتب محمود العلايلي منشور في جريدة «المصري اليوم»، حول القضية الفلسطينية ومواقف الدول العربية وبعض التيارات السياسية والدينية.

الصراع العربي-الإسرائيلي

يشير فيه إلى أن النقطة الجديرة بالانتباه في هذا الصراع هي التورط في فخ تذويبه منذ بداياته بإطلاق مسمى «الصراع العربي- الإسرائيلي» على المشكلة الفلسطينية، مما أدخل في المشكلة أطرافًا غير معنية من الأساس، وبدلًا من أن يستقوى الفلسطينيون بالإجماع العربي، تاهت القضية عند ما سمى طرفًا عربيًّا، وخاصة مع تأجج التيارات العروبية والقومية، التي انشغلت غالبًا بالخلافات البينية والصراعات الكلامية.

ويوضح الكاتب أنه حيث استفادت إسرائيل من ذلك بالمضي في استراتيجيتها الاحتلالية وخططها الاستيطانية، مدعومة بمهاراتها الدبلوماسية وقدراتها العسكرية، مستندة على عدم وجود اتفاق على خطة محددة ولا استراتيجية متفق عليها لدى الجانب المقابل في الصراع الذي أُطلق عليه العربي- الإسرائيلي، حيث لم يكن في المواجهة إلا الشعب الفلسطيني المقصود بالاحتلال، والدولة المصرية بحكم انخراطها في قضايا المنطقة وتاريخها، وسوريا كدولة جوار تشكل تهديدًا للكيان الناشئ.

شعب وقع عليه ظلم

ويلفت إلى أن باقي الطرف المسمى العربي، فكان يتأرجح بين المساعدة المادية حينًا، أو المساندة السياسية التي تنقلب أحيانًا أخرى، والدعم العسكري في أضيق الحدود، بالإضافة إلى ما ذكرنا من انقسامات دورية بين الأطراف، التي من المفترض أن تكون طرفًا صلبًا في ظهر الشعب الفلسطيني، إن كانت هناك رغبة حقيقية في حل للصراع، أو إذا ما كانت هناك قدرة على إدارة الصراع على أقل تقدير.

ويستنكر المقال من أنه إذا كان هذا هو الوضع على جانب الدول التي أُدرجت طرفًا في الصراع، فإن المدهش هو موقف بعض التيارات السياسية والدينية من الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، حيث اتفق العروبيون والقوميون والإسلاميون على اعتبار القضية الفلسطينية هي قضيتهم الأولى، حيث ينادي العروبيون والقوميون بتحرير كافة التراب الفلسطيني من البحر إلى النهر، بينما اقتصر شعار الإسلاميين على شعار تحرير بيت المقدس.

صراع ديني

ويضيف: في إشارة واضحة إلى المسلمين بأن الصراع صراع ديني، ومع اختلاف المنطلقات بين الإسلاميين والعروبيين، فإن نقاط الاتفاق بينهم أكثر وأشد وضوحًا، حيث اتفق المعسكران على إعطاء الأولوية لقضية فلسطين عن قضاياهم الوطنية عند الحاجة، كما اتفقا أيضًا على أن النضال في تلك القضية لن يتعدى المساجلات الكلامية وصراخ الشعارات والهتافات المحمومة.

الابتزاز السياسي والأدبي في القضية

أما الاتفاق الأهم كان ومازال هو ما يمارسانه من ابتزاز سياسي وأدبي لأي طرف يتجرأ على محاولة توضيح ما يفعلان أو كشف ما لا يفعلان، عن طريق الاغتيال المعنوي بالاتهام بالخيانة في حالة العروبيين، والاتهام بالكفر في حالة الإسلاميين، في ظاهرتين ابتُليت بهما المنطقة العربية كما ابتُلى بهما الشعب الفلسطيني المظلوم في المقام الأول.

ويؤكد الكاتب على أن الصراع هو صراع فلسطيني– إسرائيلي في المقام الأول، وليس معنى هذا أن يتنصل الآخرون منه، ولكن تختلف الأوضاع السياسية بحكم الحالة الجيوسياسية، فهناك دول الجوار المنخرطة في الصراع بحكم موقعها، وهناك دول أخرى قد لا تتماسّ مع حدود إسرائيل ولا فلسطين، ولكن تُعد في المجال الحيوي لهما، وعلى ذلك ينقسم الوضع السياسي للدول إلى دول حليفة أو دول تقوم بدور الوساطة أو دول شريكة.

 اللاعب الرئيسي 

وفي ختام المقال يقول الكاتب: بينما هناك دول تمثل قوى إقليمية لا يمكن إغفال دورها، ودول أخرى تمثل ثقلًا دوليًّا لا يمكن إقصاؤها أو تقليص دورها، ولكن يظل اللاعب الرئيسي هو الشعب الفلسطيني ومَن يمثله، في صراع، هو المُضارّ الأشد منه، وهو الوحيد القادر على التعبير عن نفسه، دون الوقوع في فخ تذويب الصراع بإدماج أطراف ليست معنية في المقام الأول، والبعد عن تأثير التيارات المتبرعة بالصراخ والعويل وتوزيع الاتهامات دون تأثير يُذكر ولا تغيير يحدث.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى