المؤامرة على الخِطاب الإلهي «1»
القرآن الكريم مُعجزة الله للمسلمين لِيسودوا به الأرض فلما تَخلوا عنه تَخلَّفوا

الخطاب الإلهي هو كلامُ الله الذي نزَل به أمين الوحي( جبريل )علي محمد (صلي الله عليه وسلم )للناسِ أجمعين لِيدعوهم للرحمة والعَدل والتسامُح.
إلا أنَّ أعداء الإسلام نجَحوا في التآمر على الخِطاب الإلهي الذي يدعو إلى وحدة البشرية واستبدلوه بخِطاب ديني مُشوَه يعتمد على الإسرائيليات والروايات المُلفَقة.
وقد نتجَ عن هذا الإنحِراف ظُهور العديد منَ الجماعات الإرهابية التي شَوهت صورة الإسلام وروَعت البشرية وهو ما يَستلزِم تصحيح المفاهيم المغلُوطة في مناهجِهم المُنحرفة.
الخِطاب الإلهي يدعو إلى وحدة البَشَرية والمُساواة بين الخَلْق
يقول الكاتب والمفكر العربي “علي محمد الشرفاء الحمادي “في كتابه «المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي»، الصادر عن (مؤسسة رسالة السلام للأبحاث والنشر): ومن أجل تَصحيح المفاهيم المغلُوطة والتشّوّهات التي تناقلتها مؤلفات الفقه والتفاسير المُختلفة، التي إعتمدت على روايات مَنسوبة لبعض الصحابة تناقَلتها الألسُنُ بعد مُرور أكثر من قَرنين من الزمان على وفاة الرسول، في تفسير دلالات الآيات في القرآن الكريم وما أحدثه ذلك منْ إرتباك في قناعات المُسلمين، وما ترتّب على ذلك من تَشويه صورة الدين الإسلامي عند غيرهم من الشُعوب.
ويضيف الكاتب الكبير «علي محمد الشرفاء الحمادى»: حينما استقلّضت كلُّ فِرقة بمفهومها الخاص واتخذت كلُ فرقة من علمائها مرجِعاً وحيداً في كل ما يختص بفقه العبادات والمُعاملات، وتعصّبت كلُ فِرقة لمذهبها أدّى ذلك إلى خَلْق كيانات إجتماعية مُستقلة في المُجتمع الواحد، وصَلَ بعضها إلى تكفير الفرقة الأخرى وقد تسبّبت في ذلك فتاوى وتفاسير بشرية إتبعت روايات ضالّة تعدّدت مصادرها واختلفت أهدافها لتفريق الـمُسلمين والإبتعاد عنْ منهج القرآن الكريم.
ويُؤكد الكاتب أن هناك مؤامرة حدثت ضد الإسلام في هذا الصدد لتشويه صورة الدين الإسلامي لمَنْع إنتشاره وتمدُده فيقول: «ولا أستبعد على الإطلاق أنَّ وراء تشتيت الدعوة الإسلامية وخلق بلبلة فكرية للمسلمين أيادٍ خَفية قامت بإستحداث رواياتٍ مُختلفةٍ ومُختلقةٍ على لِسان الصحابة خلَقت حالة من التناقُضات والتجاذُبات والإستقطاب الفكريّ،وأصبح لدى كل طائفة مرجعها الخاص مما أدى إلى صراع فكري وجدلّي ثم تحوَّل إلى صِراع مادي.
ويكشف الكاتب الكبير ما ترتَب علي هذه المُؤامرة فيقول: وقد نتَج عنْ ذلك إقتتال الـمُسلمين بعضُهم البعض، وفي نفس الوقت كانت تلكَ الأيادي الشريرة تُعد خطتها الخبيثة سواء كانوا من اليهود الذين لم يتخيلوا أن يختار الله رسولاً من غيرِ قومهم، بما يعتقدونه بأنَّ إختيار الأنبياء والرُسل محصورٌ في بنـي إسرائيل، لأنهم شعبُ الله المُختار، كما يؤمنون ويدَّعون، فأثارت في نفوسِهم حسَداً وغِيرة بأنْ يُبعَث رسول من الذين يُسمونهم الأُميين ويتعاملون معهم مُعاملة دونية خلقَت لديهم حَسرة وإنتقام لإيجاد مُختلف الوسائل لِصرْف المُسلمين عن القرآن الكريم.
القرآن الكريم إمتياز رباني لأُمة محمد ليسودوا به الأرض
ويؤكد المُفكر العربي، “علي محمد الشرفاء الحمادى “أنَّ الهدف من هذه المؤامرة هو الإطاحة بالإمتياز الرباني الذي وهبه لأُمة محمد وهو القرآن الكريم من أجل إسقاط «نظرية الفَوقية» عن الإسلام والمُسلمين، لمنْع وصُولهم إلى قيادة العالم، حسَب قوله.
كما أنَّه من أهم الأسباب التي جعلتهم يتآمرون على الخِطاب الإلهي، أنَّ القرآن كشَف زَيف إدعاءاتِهم وكذِب النُبوءات التي كان يُطلقها أحبارُهم لتَطويع العالم تحتَ قيادتهم.
يقول «علي محمد الشرفاءالحمادى»: واكتشفوا أنَّ القرآن كلام الله بِحق، وأنَّه سوف يحْتل مكانة عند الناس، قد تطغَى على مكانتهم وتُضيِّع إمتيازاتهم بالإضافة إلى أنَّ القرآن قد كشَف طبيعتِهم الأنانية والإجرامية، وإستحلال حقوق الناس، وحقيقة أهدافهم وحذّر الناس من خِداعهم وما يطمَحون إليه من السيطرة وحُب المال، يستَبيحون في سبيله كلَ المحرّمات ولم تمنعهم كتبهم من قتْل أنبيائهم والتآمُر عليهم.
يقول تعالى: “ألم تَرَ إِلَى الَّذِينَ أَوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أن تَضِلُّوا السَّبِيلَ (44) وَاللَّهُ أعْلَمُ بِأعْدَائِكُمْ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَىٰ بِاللَّهِ نَصِيرًا (45)”. (النساء :44-45)
ويقول تعالى: “مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفَونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُوَلُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيَنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِألْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأقْوَمَ وَلَـٰكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا 46” (النساء :44)