أركان الإسلام

الركن المالي الاجتماعي في الإسلام

الزكاة تأتي في المركز الثالث من أركان الإسلام بعد الشهادتين والصلاة

المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي
Latest posts by المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي (see all)

المال لدى الإنسان كما الروح، وقد خاطب الله المجتمع الجاهلى بآفة حب المال بقوله تعالى: ( كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ اليَتِيمَ . ولا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ المِسْكِينِ . وتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّماً . وتُحِبُّونَ المَالَ حُباً جَماً/ الفجر 20 ) فهذا خطاب ذم فيه الله مجتمعا جاهليا انكب على حب المال، والله فى قرآنه وصف حال الإنسان وطبيعته بالضعف أمام حب المال قال تعالى ( إنَّ الإنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ . وإنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ . وإنَّهُ لِحُبِّ الخَيْرِ لَشَدِيدٌ/ العاديات 8)  والخير هنا هو المال، إنه شديد الحب للمال، هذه طبيعة الإنسان ولذلك كان تكليف الإنسان بأن يبذل ماله كان تكليفا شديدا على نفسه .. من هنا أتت آيات القرآن لتستنهض فينا وتحضنا على الإنفاق كما فى قوله تعالى:

= (الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ(3)). البقرة

= (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)).الأنفال

= (قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ(31)). إبراهيم

= (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (272)).البقرة

= (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92)). ال عمران

= (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)). ال عمران

= (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39)).سبأ

= (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (262)) البقرة

وقد جعل القرآن أول ما يجب في المال من الإنفاق هو الزكاة، وهي الركن المالي الاجتماعي في الإسلام، الركن الثالث بعد الشهادتين وبعد الصلاة .

وليست الزكاة هي الحق الأوحد، فهناك حقوق في المال بعد الزكاة، حقوق واجبة أيضا قال تعالى : ( وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ/ البقرة 177) وهناك حقوق مثل حق الماعون ( ويَمْنَعُونَ المَاعُونَ/ الماعون 7 ) أى حق الضيف، مثل حق الحصاد ( وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ/ الأنعام 141)

حينما يأتى الناس عند الحصاد نعطيهم منه .. وكذلك حق القسمة التركة .. حضور قسمة التركة  قال تعالى ( وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا/   النساء 8)

والقرآن كذلك يوجب الحض على إطعام المسكين ( أَرَأَيْتَ الَذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ) المنكر لسنة الله وقوانينه فى الكون هو نفسه المنكر لحقوق العباد فى مال الله {فَذَلِكَ الَذِي يَدُعُّ اليَتِيمَ . ولا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ المِسْكِينِ/ الحاقة 34 ) فهو يعيش لنفسه ولا يهتم بغيره، والقرآن يقول للمسلم أطعم المسكين ولو لم تستطع فعليك أن تحض غيرك على إطعامه. ذلك أن المال هو مال الله والبشر مستخلفون فيه قال تعالى:

( وأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ/ الحديد 7 ) فهو رزق الله لعباده فاستوجب عليهم الإنفاق قال تعالى ( والَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وأَقَامُوا الصَّلاةَ وأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ومِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ/ 38 ) والمال أمانة استودعها الله للناس لضمان سلام المجتمع ولذلك القرآن يقول (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا/ النساء 5)

وقد جعل الله الإنفاق صفة أساسية للمؤمنين قال تعالى ( الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ/ البقرة 3 ) وقال سبحانه ( إنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَذِينَ إذَا ذُكِرَ اللَّهُ وجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وإذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إيمَاناً وعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ . الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ومِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ/ الأنفال 3 )

وكما جعل الإنفاق صفة للمؤمنين كذلك جعل الشح والإمساك صفة للمنافقين، فقال تعالى فى شأنهم : ( ولا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إلاَّ وهُمْ كُسَالَى ولا يُنفِقُونَ إلاَّ وهُمْ كَارِهُونَ/ التوبة 54 )

وحذَّر سبحانه وتعالى وتوعد أولئك الذين يمسكون عن الإنفاق بقوله تعالى ( والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والْفِضَّةَ ولا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ/ التوبة 34 ) وقال تعالى ( ولا يَحْسَبَنَّ الَذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُم بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ/ آل عمران 180 )

وحث الله تعالى فى قرآنه عباده بالإنفاق فى السر والعلن قال تعالى ( قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ/ إبراهيم: 31)

وبشر الذين ينفقون بالأجر العظيم قال تعالى ( الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ/ البقرة: 274 )

ربنا عليك توكلنا .. وإليك أنبنا .. وإليك المصير .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى