«المتلاعبون» بمشاعر المسلمين!
أعداء الإسلام استغلوا العاطفة الدينية للعرب وأقنعوهم بروايات تداعب خواطرهم

- الصلاة على النبي - 25 مايو، 2023
- استراتيجية بناء النظام العربي - 22 مايو، 2023
- السلام أساسه العدل - 17 مايو، 2023
لقد استغل أعداء الإسلام العاطفة الدينية عند المسلمين، واستدرجوا أفكارهم وأقنعوهم بروايات تداعب خواطرهم ونفوسهم واستطاعوا أن ينفذوا إلى العقول حتى أصبحت من المقدّسات فحاصروا بها العقل وجعلوا الروايات قيدًا على حريته في التفكير، وشلّوا قدرته عن التدبر باستقلالية عن النص القرآني عندما صدّق المسلمون علماء الدين وشيوخه الذين احتكروا الفكر والفهم للتكاليف الدينية، واختزلوا مقاصد التشريع حسب إدراكهم ونصَّبوا أنفسهم وكلاء عن الخالق سبحانه في الأرض وأوصياء على دين الإسلام، علمًا بأنَّهم جميعًا يعتمدون على كتب التراث الموغلة في القدم والتي مضى على كتابتها عشرات القرون من السنين يرددون أقوالهم دون وعي وإدراك وتدبر في مدى تطابقها مع كتاب الله ومعرفة مراد الله من آياته لخلقه.
ولقد استطاع مَن يسمّونهم شيوخ الإسلام وعلماء الدين والأئمة إقناع الناس بواسطة أتباعهم المسترزقين منهم بأنَّهم الوحيدون القادرون على فهم القرآن وتفسيره لهم، مما يعني أن يحتكروا فهم مقاصد الآيات ليتوقف العقل عن التفكر والتدبر في آيات القرآن الكريم، علمًا بأنَّ الله جعل التفكر في القرآن فرض عين.
لأنَّ الله سبحانه يخاطب العقل الذي لديه القدرة على قياس الأمور ومعرفة الحق من الباطل، حتى لا يستأثر بعضٌ من خلقة باختزال المعرفة وتعطيل الناس عن التفكر فيما خلق الله في كونه حين اعتمد المسلمون على مفاهيم دينية، مقتنعين بأفكار وتفاسير تصدَّر لهم من مختلف الأئمة والدعاة على الرغم من تباين المفاهيم بين العلماء أنفسهم وتناقض المصطلحات عندهم، وتعدد المرجعيات التي يتبعها كل منهم، التي مضت عليها القرون وأحاطت بها الشكوك والظنون، فلم ينصْ على اتباعهم كتاب الله وليسوا أنبياء أو مرسلين.
فكلنا مؤمنون بأنَّ محمدًا عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء والمرسلين وأنزل الله معه النور الذي جاء به، القرآن الكريم، وأمر المسلمين باتباعه وهو الإمام الأوحد للمسلمين فلا نتبع غيره إمامًا ومرجعنا كتاب الله وآياته فقط فسيُسأل الإنسان يوم القيامة كما يقول تعالى:
«فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ» (الزخرف:43-44).
السؤال الأول سيتم سؤال الناس جميعًا:
– هل استمسكنا بالقرآن واتبعنا تعاليمه؟
– والسؤال الثاني قوله تعالى:
«يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ» (الأحزاب: 33).
كما تبين الآيات المذكورة سؤالين سيسأل الناس يوم القيامة عنهما:
– هل اتبعنا القرآن، وهل أطعنا الله والرسول؟
فليس بينهم سؤال بشأن طاعة البخاري أو مسلم أو ابن تيمية أو ابن عبد الوهاب أو أي من الأساطير الشخصية الدينية سنسأل عنهم يوم القيامة، فمن أراد النجاة من العقاب والعذاب عليه أن يتبع أوامر الله في قرآنه ويتبع رسوله فيما بلغه للناس من آيات كريمة.
إن اتباع القيادات الإسلامية والدعوية اعتقادهم في الروايات والإيمان بها أفقدوا الإسلام إنسانيَّته، ورحمتَه وعَدلَه وتَسامُحَه، وأهدروا القيمةَ الإنسانيةَ، التي تحقِّق المساواة بينَ الناسِ جميعًا
وقد قال سبحانه: «يا أيّها الناسُ إِنَّا خَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ» (لحجرات 13).
تؤكد هذه الآية وحدة البشر ودعوتهم للتعاون، وكلهم متساوون في الحقوق والواجبات وأن الله سبحانه هو الذي سيحكم على أعمالهم، في الدنيا ويوم القيامة، وكلهم سواسية في الحياة الدنيا أمام القانون فلا ميزة لإنسان على غيره إلا بالتقوى والعمل الصالح، يأمرهم سبحانه بالتعاون والرحمة والعدل فيما بينهم بقوله في كتابه الكريم: «..وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ» (المائدة:2)
فالله يأمر الناس بأن يتعاونوا فيما يحقّق لهم الخير جميعًا ويصلح أحوالهم ويحذّرهم مما يحرمه الله عليهم وعدم الاعتداء على الناس دون وجه حق ويحذرهم من الحساب إذا هم عصوا أوامره.
المصدر:
«المسلمون.. بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي»، والصادر عن «مؤسسة رسالة السلام للتنوير والأبحاث»، للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي.