
- الصلاة على النبي - 25 مايو، 2023
- استراتيجية بناء النظام العربي - 22 مايو، 2023
- السلام أساسه العدل - 17 مايو، 2023
هذه الكلمت ليست وليدة اليوم، بل هي رسالة وجهها المفكر العربي، علي محمد الشرفاء الحمادي، في 20 نوفمبر 2017، إلى د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر، ود. شوقي علام، مفتي جمهورية مصر العربية، ود. محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري، ..
يقدم لهم خلالها روشتة لاستئصال أخبث داء أصاب الأمة العربية، وأفقدها أفضل ما تتميز به من أنها أمة وسط، وخير أمة أخرجت للناس..
ونظرًا لما تتضمنه من خارطة طريق متكاملة وواضحة المعالم، وتأييدًا لمبادرة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، والتي أطلقها خلال الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، بضرورة تصويب الخطاب الإسلامي ، فإن موقع «التنوير» يعيد نشر الرسالة كما هي، دون تدخل منا أو تعديل فيها بالحذف أو الإضافة.
كتب: علي محمد الشرفاء الحمادي
بتاريخ: الإثنين 20 نوفمبر 2017
فضيلة الإمام الأكبر/ أحمد الطيب الموقر
شيخ الأزهر الشريف
فضيلة الدكتور/ شوقي إبراهيم علام الموقر
مفتي جمهورية مصر العربية
معالي الأستاذ الدكتور/ محمد مختار جمعة الموقر
وزير الأوقاف المصري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الموضوع: إعلاء كلمة الله في الأرض
لقـد سلمت لفضيلة الدكتور/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رسالة بتاريخ: 20-6-2010، أي منذ سبع سنوات، بشأن إنشاء مرجعية للدعوة الإسلامية يتولى الأزهر تشكيل لجنة من كبار العلماء والمفكرين لإعداد مشروع وثيقة بعنوان (الإسلام رحمة وعدل وسلام)، لتصويب الخطاب الديني، الذي اتخذ الروايات مصدرًا لتسويق الإسلام للناس، حيث تسبب ذلك في إعطاء صورة مشوهة عن الإسلام، بما يحمله الخطاب الديني من خطاب الكراهية والتعالي على بني البشر، ويدعو لمحاربة غير المسلمين وقتلهم واستحلال أموالهم واستحياء نسائهم واستباحة حرماتهم، وما نراه اليوم من جرائم ترتكب باسم الإسلام، هو ترجمة حقيقية للخطاب الديني، تمارسها بعض الفرق المنتمية للمذهب السني.
فضيلة شيخ الأزهر
بما أن الأزهر يمثل مرجعية إسلامية على مستوى العالم الإسلامي، تلقي عليه مكانته الدولية مسئولية أمام الله في اتخاذ موقف مع الحق، دون مواربة أو مجاملة، ودون أن تأخذه العزة بالإثم، متخذين آيات الله في كتابه الكريم، نبراسًا يضيء لكم طريق الحق والصواب، التزامًا وتنفيذًا لقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴿70﴾ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴿71﴾ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا» (الأحزاب/70:72).
فضيلة مفتي الجمهورية
الأمانة التي تحملونها، هي رسالة الإسلام، وهي الخطاب الإلهي للناس كافة، أنزله الله على رسوله (عليه الصلاة والسلام) في قرآن مبين، ليبلّغه للناس كافة، وكلّفه سبحانه في قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ» (المائدة: 67).
فأدى الأمانة كما أمره الله سبحانه، حتى اكتملت الرسالة، حينما بلّغ الناس في قول الله سبحانه: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا» (المائدة: 3)، وعند تلك اللحظة التي اكتملت فيها الرسالة، وتحدد فيها محاور المنهج الإلهي في العبادات والفضائل والأخلاق النبيلة والتشريع، الذي وضعه الله للناس، وما فيه من ضوابط للإنسان مع الله، وضوابط تشريعية بين الناس بعضهم بعضًا، حتى لا يطغى إنسان على أخيه الإنسان، على أساس من الرحمة والعدل، لتُؤَسس مجتمعات الفضيلة والعدل.
ومنذ مرور أكثر من أربعة عشر قرنًا، استبعدت قيم الفضيلة والعدل والخلق الكريم، من ممارسة سلوكيات المنهج الإلهي، واستبقي القرآن شكلًا دون مضمون، واختُصر على المنافسة بين أجمل الأصوات في تلاوته في المساجد، وفي الأفراح وعلى القبور، واستبعد المنهج الإلهي من القرآن الكريم، الذي يبني شخصية الإنسان على قيم الفضيلة والرحمة والعدل والتقوى، وحل محله روايات منسوبة إلى أقرباء الرسول (صلى الله عليه وسلم) وصحابته.
فتعالوا قبل أن يدرككم الموت، وتقفون أمام الله، لا شفيع ولا وسيط لكم، غير العمل الصالح، وقد شهدتم جميعًا بشهادة «أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله»، فماذا سيكون موقفكم يوم الحساب؟.. هل اتبعتم محمدًا خاتم النبيين، أم اتبعتم فلانًا عن فلان؟!
أولًا: هل يستوي ما قاله محمد (عليه الصلاة والسلام)، عما نقله عن ربه مباشرة من الخالق لعباده؟ أم اتبعتم ما نسب إليه عن الرواة والإسرائيليات والأساطير؟! أليس المسلمون جميعًا يؤمنون بكل اليقين، أن القرآن كلام الله، بلغه الرسول للناس مباشرة، عن ربه؟، أم ضلت عقولنا حتى آمنا بآقوال منسوبة للرسول؟ والله يشهد له بقوله: «إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ» (التكوير: 19).
ثانيًا: هل منح الله رسوله حق التشريع، وحق التعديل، بالإضافة أو الحذف على الرسالة التي أرسلها الله لعباده؟ أم أمره عليه الصلاة والسلام، أن يعلم الناس الحكمة وتكاليف العبادات ومقاصد الآيات لخير الإنسان؟
فضيلة وزير الأوقاف المصري
ومن أجل أن نكون صادقين مع الله، ومع أنفسنا، يتطلب الأمر إلقاء الضوء على عناصر التكليف الإلهي لرسوله الكريم، كما يلي:
أولًا: مسئولية الرسول في قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴿45﴾ وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا ﴿46﴾ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا»(الأحزاب/45:47).
ثانيًا: مهمة الرسول
1– في قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ» (المائدة:67)
2 – وفي قوله تعالى: «آلمص ﴿1﴾ كِتابٌ أُنزِلَ إِلَيكَ فَلا يَكُن في صَدرِكَ حَرَجٌ مِنهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكرى لِلمُؤمِنينَ ﴿2﴾» (الأعراف : 1 – 2)
3 – وأمره الله سبحانه وتعالى بقوله: «وَإِن ما نُرِيَنَّكَ بَعضَ الَّذي نَعِدُهُم أَو نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيكَ البَلاغُ وَعَلَينَا الحِسابُ» (الرعد:40)
ثالثًا: التذكّر بالقرآن
- «نحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ» (ق:45)
- «تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ» (الجاثية:6)
- «يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا» (النساء:174)
- «قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ »(الأنعام:19)
- «وَهذا كِتابٌ أَنزَلناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعوهُ وَاتَّقوا لَعَلَّكُم تُرحَمونَ» (الأنعام:155)
- «اتَّبِعوا ما أُنزِلَ إِلَيكُم مِن رَبِّكُم وَلا تَتَّبِعوا مِن دونِهِ أَولِياءَ قَليلًا ما تَذَكَّرونَ» (الأعراف:3)
- «فَمَن أَظلَمُ مِمَّنِ افتَرى عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا أَو كَذَّبَ بِآياتِهِ أُولئِكَ يَنالُهُم نَصيبُهُم مِنَ الكِتابِ حَتّى إِذا جاءَتهُم رُسُلُنا يَتَوَفَّونَهُم قالوا أَينَ ما كُنتُم تَدعونَ مِن دونِ اللَّـهِ قالوا ضَلّوا عَنّا وَشَهِدوا عَلى أَنفُسِهِم أَنَّهُم كانوا كافِرينَ» (الأعراف:37)
- «فَإِلَّم يَستَجيبوا لَكُم فَاعلَموا أَنَّما أُنزِلَ بِعِلمِ اللَّهِ وَأَن لا إِلهَ إِلّا هُوَ فَهَل أَنتُم مُسلِمونَ» (هود:14)
- «وَما أَنزَلنا عَلَيكَ الكِتابَ إِلّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اختَلَفوا فيهِ وَهُدًى وَرَحمَةً لِقَومٍ يُؤمِنونَ» (النحل:64)
- «وَيَومَ نَبعَثُ في كُلِّ أُمَّةٍ شَهيدًا عَلَيهِم مِن أَنفُسِهِم وَجِئنا بِكَ شَهيدًا عَلى هـؤُلاءِ وَنَزَّلنا عَلَيكَ الكِتابَ تِبيانًا لِكُلِّ شَيءٍ وَهُدًى وَرَحمَةً وَبُشرى لِلمُسلِمينَ» (النحل:89)
- «قُل آمِنوا بِهِ أَو لا تُؤمِنوا إِنَّ الَّذينَ أوتُوا العِلمَ مِن قَبلِهِ إِذا يُتلى عَلَيهِم يَخِرّونَ لِلأَذقانِ سُجَّدًا »(الإسراء:107)
- «آلمر تِلكَ آياتُ الكِتابِ وَالَّذي أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَبِّكَ الحَقُّ وَلـكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يُؤمِنونَ» (الرعد:1)
- «وَمَن أَظلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعرَضَ عَنها وَنَسِيَ ما قَدَّمَت يَداهُ إِنّا جَعَلنا عَلى قُلوبِهِم أَكِنَّةً أَن يَفقَهوهُ وَفي آذانِهِم وَقرًا وَإِن تَدعُهُم إِلَى الهُدى فَلَن يَهتَدوا إِذًا أَبَدًا» (الكهف:57)
- «كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ » (ص:29)
- «هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّـهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ »(الحديد:9)
- «أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّـهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ» (الحديد:16)
- «إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ » (الحاقة:40)
رابعًا: أسلوب الدعوة:
- «ادعُ إِلى سَبيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجادِلهُم بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبيلِهِ وَهُوَ أَعلَمُ بِالمُهتَدينَ» (النحل:135)
- «وَقُلِ الحَقُّ مِن رَبِّكُم فَمَن شاءَ فَليُؤمِن وَمَن شاءَ فَليَكفُر إِنّا أَعتَدنا لِلظّالِمينَ نارًا أَحاطَ بِهِم سُرادِقُها وَإِن يَستَغيثوا يُغاثوا بِماءٍ كَالمُهلِ يَشوِي الوُجوهَ بِئسَ الشَّرابُ وَساءَت مُرتَفَقًا » (الكهف:39)
إنه مما سبق ذكْره من آيات كريمة، يأمر الله فيها رسوله بأن يبلّغ الناس المنهج الإلهي، الذي يريد الله لعباده أن يتبعوه ويتدبروا آياته، ليتعرفوا على مقاصد الخالق لعباده لما ينجيهم ويصلح حالهم، وأن يجعلوا القرآن مصدرًا وحيدًا لعبادتهم وتشريعاتهم وتمسكهم بقيم الفضيلة والرحمة والعدل، التي أمرهم به الله سبحانه، كيلا تتفرق بهم السبل، وليخرجهم من الظلمات إلى النور.
خامسًا: تنبيه من الله للرسول
- «وَلَو شاءَ اللَّـهُ ما أَشرَكوا وَما جَعَلناكَ عَلَيهِم حَفيظًا وَما أَنتَ عَلَيهِم بِوَكيلٍ» (الأنعام:107)
- «قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ » (فصلت:6)
- «فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ » (الزخرف:43)
- «وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ» (الزخرف:44)
أصحاب الفضيلة والمعالي
ألا تعتقدون أن المسلمين اليوم، يعيشون على مفترق طرق، يتطلب منكم تحديد المنهج الذين تعتمدون عليه في دعوتكم لـ(رسالة الإسلام)، وأن تخلوا ذمتكم أمام الله والناس، فيوم الحساب لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم، وأن تحسموا موقفكم، بناءً على ما سبق ذكره من آيات الذكر الحكيم، التي حدد الله فيها واجبات الرسول، وأن القرآن الكريم قد شهد فيه الله لرسوله الكريم (إنه لقول رسول كريم).
مما يعني أن القرآن وحده هو قول الرسول (عليه الصلاة والسلام)، الذي نقله إلينا عن ربه سبحانه للناس أجمعين، وأن ما عداه من أقوال نُسبت إليه لا تمُت بصلة للرسول عليه الصلاة والسلام مطلقًا، بدليل أن الله شهد له في قرآنه بأن آياته قول الرسول الكريم، فمن يشهد لأصحاب الروايات بصدقها وبصحتها؟
ولماذا يحتاج المسلمون في رسالة الإسلام إضافات بشر وروايات إسرائيلية؟ وهل المنهج الإلهي الذي جاء في قرآنه المبين لا يلبّي متطلبات رسالة الإسلام، والله سبحانه يقول: «وَما مِن دابَّةٍ فِي الأَرضِ وَلا طائِرٍ يَطيرُ بِجَناحَيهِ إِلّا أُمَمٌ أَمثالُكُم ما فَرَّطنا فِي الكِتابِ مِن شَيءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِم يُحشَرونَ» (الأنعام:38)،
وقوله تعالى: «وَيَومَ نَبعَثُ في كُلِّ أُمَّةٍ شَهيدًا عَلَيهِم مِن أَنفُسِهِم وَجِئنا بِكَ شَهيدًا عَلى هـؤُلاءِ وَنَزَّلنا عَلَيكَ الكِتابَ تِبيانًا لِكُلِّ شَيءٍ وَهُدًى وَرَحمَةً وَبُشرى لِلمُسلِمينَ» (النحل:89).
ومن أجل ألا يدور المسلمون في تلك الظنون والتخرّصات، وتعدد المرجعيات، وصراع الفلسفات والنظريات، وحتى لا يستمر المسلمون في متاهات الوهم والواقع الافتراضي، عليكم الإجابة عن الشكوى التي يعرضها رسولنا الكريم على الله، والتي تمثل اتهامًا مباشرًا لكم، أنتم الذين تصديتم لحمل الرسالة، ووضِعتم في مكانة دعاة الإسلام وحماته، أن تجيبوا على الأسباب التي تضمنتها التهمة العظيمة، وسوف يكون وقْعَها عليكم عظيمًا يوم الحساب، وتلك التهمة هي قوله تعالى: «وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا» (الفرقان:30)
ماذا سوف يكون دفاعكم يوم القيامة؟ هل ستجيبون، كما قال تعالى: «يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ﴿28﴾ لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا» (الفرقان:28- 29).
ليس أمامكم إلا طريق واحد، ينقذكم من ذلك الموقف العظيم، وهو العودة لكتاب الله، رسالة الإسلام والعدل والسلام للناس جميعًا، وأن تكون آياته، وما تضمنته من تشريع وفضيلة وقيم وأخلاق كريمة، تستنبطون منها متطلبات المجتمع المسلم، ووضع تشريعات القوانين المختلفة، مبنية على المنهج الإلهي في قرآنه الكريم، في العقيدة والعبادات والمعاملات والأخلاق، والتربية الاسلامية المبنية على الفضيلة والقيم النبيلة، التي تدعو لها رسالة الإسلام.
وقد حذّر الله عباده بقوله: «وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أَعمى» (طه:124)
ومن أجل الخروج من تراكمات الروايات، التي شوهت صورة الرحمة والعدل والقيم النبيلة لرسالة الإسلام، حينما طغت الروايات على الآيات، لا سبيل للمسلمين إلا العودة لكتاب الله، وما بلّغه الرسول للناس من آيات كريمة ترسم لهم منهج حياة للعيش فيها بسلام، سعداء بحاضرهم مطمئنين لغدهم، لا فزع يؤرقهم ولا تهديد يخيفهم، ولا أوصياء على الإسلام سيحكمون عليهم بالارتداد عن الدين ومصيرهم القتل.
الكل يسعى في مناكب الأرض، ويبحث عن رزقه ترفرف عليهم عناية الله وبركاته، وقد اختفت عنهم الوجوه الكالحة، وأشباه الشياطين دعاة الكراهية أعداء الحياة، فالله يدعوكم إلى اتباع صراطه المستقيم في كتاب كريم، مصداقًا لقوله تعالى: «وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» (الأنعام: 153).
لذا فإنني أخاطب المذكورين أعلاه، الموجه إليهم هذا النداء، وقد سبق، وأن طالب به الرئيس/ عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، بتصويب الخطاب الديني، وللضرورة الملحة، لما يشهده العالم العربي من تدمير وقتل باسم الإسلام، حيث انتقلت تلك الصورة المشوهة لكل أقطار العالم.
لذا ومن أجل إزالة الشوائب والتشويه لصورة الإسلام، يتطلب الأمر من الأزهر ووزارة الأوقاف المصرية ودار الافتاء، مجتمعين، وضع تصور موحد لرسالة الإسلام، أساسه مرجعية القرآن، لأن الله لم يرسل جبريل عليه السلام، بأن يوحي للرسول مرة بالقرآن وآياته، ومرة بالأحاديث ورواياته، ومرة بأحاديث صنفت بالقدسية وتوصياته، بل أرسل الله سبحانه جبريل مرة واحدة، ليوحي إلى محمد (عليه الصلاة والسلام) كتاب كريم، ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، كي لا يبقى المسلمون رهينة لاجتهادات توافقت مع عصرها وزمانها.
فلنا عصرنا وزماننا، وديننا دين حاضر ومستقبل، يخاطب العقل ويحفزه للتفكر في الكون، ليُسخّر ما فيه من خبرات في خدمة الإنسان، وتعمير الأرض، ونشر الرحمة والمحبة والعدل والسلام، حيث يقول الله تعالى: «تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ » (البقرة:134).
فلسنا مسئولين عمن سبقنا، ولن تشفع لنا تصوراتهم ولا اجتهاداتهم أو رواياتهم، إنما يشفع لنا عند الله يوم القيامة ما نقدمه من عمل صالح، وما ندعو إليه من التمسك بحبل الله وقرآنه، الذي تطمئن إليه قلوبنا، وتتطهر بتلاوته نفوسنا، ونستعين به في حياتنا، ونتبع أمر الله سبحانه بقوله: «اتَّبِعوا ما أُنزِلَ إِلَيكُم مِن رَبِّكُم وَلا تَتَّبِعوا مِن دونِهِ أَولِياءَ قَليلًا ما تَذَكَّرونَ» (الأعراف:3)
اللهم بلغت … اللهم فاشهد
علي محمد الشرفاء الحمادي
الإمارات العربية المتحدة ــ أبو ظبي