
ما هو الهدف الإلهي من وراء إرسال الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، إلى البشر؛ هل ليحمل رسالة محددة؟ أم ليقوم بوضع التشريعات والقوانين للبشرية؟ أم أن مهمة نبي الله هي إجبار الناس على الدخول في الإسلام؟ أم لماذا؟!
سؤال وتساؤلات مهمة جدًّا، يناقشها الباحث والمفكر العربي، علي محمد الشرفاء الحمادي، في كتابه المتميز «المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي»، والصادر عن «دار النخبة للطبع والنشر والتوزيع»، ليضع حدًّا للكثير من الأقاويل حول مهمة نبي الله محمد، عليه الصلاة والسلام، فيقول: لقد اختار الله سبحانه رسولَه من بَين خلقه، ليحملَ رسالة الله للناس، حيث يقول في كتابه الكريم:
﴿قُل إِنَّما أنا بَشَرٌ مِثلُكُم يُوحى إِلَيَّ أنَّما إِلـهُكَم إِلـهٌ واحِدٌ فَمَن كانَ يَرجو لِقاءَ رَبِّهِ فَليَعمَل عَمَلًا صالِحًا وَلا يُشرِك بِعِبادَةِ رَبِّهِ أحَدًا) ( الكهف: 110).
كما قال تعالى مخاطبًا رسوله:
﴿قُل سُبحانَ رَبّي هَل كُنتُ إِلّا بَشَرًا رَسولًا) (الإسراء: 93).
ويصف سبحانه مهمة رسوله الكريم بقوله:
(لقد منَّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولًا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) (آل عمران: 164).
أرسل رسوله ليعلّمهم ويفسّر لهم من التشريعات الإلهية ويوضّـح لهمُ مراد الله من أوامره لعباده، حيث يقول سبحانه:
﴿لقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ (الأحزاب: 21).
ليقتدوا بأخلاقه وصفاته؛ حيث جعله الله قدوةً للمسلمين الصادقين في عبادتهم لله وتصرفاتهم وسلوكيَّاتهم التـي شرعها الله لهم في منهج يرتقي بالإنسان بقيم إيمانية وأخلاقيات سامية.
ومن أجل تصحيح المفاهيم المغلوطة، والتشوهات التي تناقلتها مؤلفات الفقه والتفاسير المختلفة، التي اعتمدت على روايات منسوبة لبعض الصحابة تناقلتها الألسن بعد مرور أكثر من قرنين من الزمان على وفاة الرسول، في تفسير دلالات الآيات في القرآن الكريم، وما أحدثته من ارتباك في قناعات المسلمين، وما ترتّب على ذلك من تشويه صورة الدين الإسلامي عند غيرهم من الشعوب، حينما استقلت كلُّ فرقة بمفهومها الخاص، واتخذت كل فرقة من علمائها مرجعًا وحيدًا في كل ما يختص بفقه العبادات والمعاملات، وتعصَّبت كل فرقة لمذهبها. أدّى ذلك إلى خلق كيانات اجتماعية مستقلة في المجتمع الواحد، وصل بعضها إلى تكفير الفرقة الأخرى، وقد تسبّبت في ذلك فتاوى وتفاسير بشرية اتبعت روايات ضالة، بعد رحيل نبي الله عن دنيانا، تعدَّدت مصادرها واختلفت أهدافها لتفريق الـمسلمين والابتعاد عن منهج القرآن الكريم.