الأسرة والمجتمع

الميراث الحلال في القرآن الكريم

«العنف الأسري».. طاعون يهدد المجتمع بسبب اغتصاب الحقوق

الميراث شريعة سماوية قبل أن يكون قضية اجتماعية، حيث جعل القرآن الكريم لها ضوابط وقواعد محددة، بما يضمن استقرار الأسرة والمجتمع.

ولا شك أن الظلم والحرمان في الميراث يتسبب دائمًا في تفاقم ظاهرة العنف الأسري بسبب حرمانهم من نصيبهم الشرعي في التركة.

ومن أجل ذلك أوصانا القرآن الكريم بالعدل في توزيع الميراث، بما يضمن تحقيق السلم والتوافق العام للمجتمع.

الميراث سبيل للمحبة وليس التناحُر

يقول الدكتور محمود الهواري عضو المكتب الفني لوكيل الأزهر، إنَّه من الضروري أنْ نتخذ من الميراث سبيلًا للإحسان والترابط بين الأقارب.

لأن المسألة ليست عملية حسابية فقط، بل تحقيق الإحسان والسماحة والبِر والتعاون والتواصل والتراحم بين أفراد الأسرة.

وأكد «الهواري» أن القرآن الكريم أوصانا بالعطاء والتراحم في كل شيء، وألا نحرم أحدًا من ميراثه وأن نُطعِم كل من حضر قسمة الميراث.

يقول الله تعالى: «وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا» (النساء: 8).

وهنا الآية صريحة حيث تعني إخراج جزء من مال الميراث لتلك الفئات في حالة وجودهم أثناء القِسمة حتى يحدث التراضي.

وشدد «الهواري» على أن حرمان الوارث من ميراثه إثمٌ كبيرٌ، ومخالفة صريحة لله ورسوله، وخطيئة تستوجب غضب الرحمن.

كما أن حرمان الوارث من ميراثه يترتب عليه قطْع الرِّحم التي أوصى الله بها أن تُوصَل.

كما أن قطيعة الرَحِّم الناتجة عن حرمان الوارِث من ميراثه، يترتب عليه العديد من جرائم العنف والتي قد تصل إلى حَدّ القتل، ولذلك أوصانا الشرع الحكيم بالعدل في الميراث.

الظلم في توزيع الميراث من أهم أسباب العنف الأسري

وأوضح «الهواري» أنَّ أكبر إشكالية تؤدي إلى العنف وأحيانًا إلى القتل هي منع وارث من ميراثه، رغم أنَّ الله لم يضع تلك الأنصبة إلا من مُنطلق الحكمة.

وتساءل: كيف نحرم بنت لأنَّها ضعيفة أو أخ لأنه صغير ولا يستطيع أن يُطالِب بحقه؟.. مؤكدًا أنَّه لا بركة في الحياة بسبب أكل المال الحرام.

وقد أوصانا القرآن الكريم بالتعفُّف عن مال اليتيم، وحمايته من كل طامعٍ أو جاهلٍ تأخذه العِزة ليظلم أصحاب المواريث.

يقول الله تعالى: «وَابْتَلُوا الْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ۖ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُوا ۚ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ ۖ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا » (النساء:  6) 

وذكر أنَّ تأخير المواريث قد يأخذ شكل العداء، فيجب تقسيمها بعد الوفاة حَسَب شرع الله وعدم تحكيم العُرف والعادة في تلك المسألة.

مشيرًا إلى ضرورة إنصاف الفتاة وإعطائها كامل حقها في الميراث، وألَّا يُنظَر إليها على أنها متزوجة من عائلة أخرى، وأن مالها سيذهب لعائلة زوجها، لأن ميراثها حق لها وهي حُرّة التصرف فيه كيفما تشاء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى