الخطاب الإلهى

مراحل التطور الفكري للإنسان

بالآيات.. نكشف لماذا فضل الله الإنسان على غيره من المخلوقات

المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي
Latest posts by المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي (see all)

لقد بعثَ اللهُ سُبحانَهُ وتعالى مُحمَّدًا صلّى اللهُ عليه وسلّم ليَحملَ للناسِ كافة، كتابًا مباركًا، ليُخرجَهم من الظُّلماتِ إلى النُّورِ، وليهديهَم طريقَ الخيرِ وَالصَّلاحِ، إذ يخاطب سُبحانَهُ وتعالى رسولَه مُحمَّدًا صَلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ:

﴿كِتَابٌ أنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أولُو الْألْبَاب﴾.. (ص: 29)

يخاطب الله سبحانه بهذه الآية العقل الإنساني الذي فضل به عباده على كافة مخلوقاته وأودع فيه كل العلوم من الحكمة والمعرفة عند خلق (آدم ) التي ستظل تنتقل لعقول أبنائه حتى قيام الساعة ومنحه إدراك مراد الله من آياته وتشريعاته لصالح الإنسان ولما يحقق له العيش الكريم حافظا حقوقه في كل زمان ومكان، يتحقق له وبه الأمن والسلام وأمره بالتدبر في القرآن الكريم وآياته، وما يحمله من نورِ للإنسانيةِ جمعاء يستعينون به ليضـيءَ لهم طريق الخيـر والصلاح في الحياة الدنيا، فالله يريد للناس أن يتفكّروا فيما خلق الله تجلّت قدرته، ويستنتجوا بعقولهم عظمة خلقه ويدركوا ويتدبّروا آياته وفهم مراد الله لخلقه ليتحقّق لديهم اليقينُ المطلقُ بأن الله وحده لا إله إلا هو لا شريك له ربّ السَّماوات والأرض، وهو على كل شيء قدير، ليدرك الَإنسان قوله تعالى:

﴿وَلَئِن سَألْتَهُمَ مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اَللَّـهَ قُلْ أفَرَأيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ إِنْ أرَادَنِيَ اللَّـهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أو أرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّـهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾.. (الزمر: 38)

تبين لنا هذه الآية بعدم اللجوء لغير الله في الضيق والضرر إذا أصاب الإنسان فليدعُ الله الذي يكشف عنه ضره ووحده سبحانه سينزل على الإنسان رحماته فالله قد قال لرسوله:

(وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون).. (البقرة: 186)

يريد الله لعبادِهِ أن يعلّمهم حركة الحياة للإنسان، وتطورها منذ ولادته حتـى وفاته، حيث يقول سبحانه:

﴿هُوَ اَلَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾.. (غافر: 67).

تلك رحلة الإنسان في الحياة الدنيا ليضعها نصب عينيه فلا يفرح بما كسب ولا يحزن إذا جانبه الحظ والتوفيق فلا يأسَ على ما فات ويغتنم اللحظة التي يعيشها بالبر والتقوى والخلق الكريم والإحسان للناس جميعا، يعيش سعيدا في حياته الدنيا آمنًا يوم الحساب.

يريد الله سبحانه، بهذه الآية أن يدركَ الناسُ تطوّرَ حياةِ الإنسان منذُ ولادِتهِ، حيثُ تختزلُ الآية حياة الإنسان الممتدّة منذ ولادته، والتطوّر الذي يحدث للإنسان في مختلف مراحل عمره، إلى أن يصل إلى مرحلة الشيخوخة، وهي بداية النهاية، ولذا فالله يأمرنا بأن نتفكّر في حياتنا القصيرة فلا خلود فيها بل تبدأ من ضعف إلى قوة، ثم ضعف ثم الفناء، وبعد ذلك يأتي أجله الذي لا نعرفه، وعلينا أن نتدبّر مراد الله من آياته حتـى لا يطغى الإنسان في حياته وهو يعيش رحلة قصيرة فيها ولا يتكبـر ولا يغتـرّ بما وهبه الله من سلطة وقوة وصحة ونعمة، فكل ذلك إلى زوال وإذا تدبّر الإنسان ما سيحل به منذ ولادته، سيتعرف خارطة الطريق لحياته التي تساعده في مسيرته، يؤدي تكاليف العبادات ويعامل الناس بالحسنى والعدل، لا يظلم أحدًا ولا يغش إنسانًا ولا يتجبـّر أو يتكبـّر فيرضى بما قسم الله له، ويعيش مطمئنًا سعيدًا في حياته يؤدي تكاليف العبادات كما بيّـنها لنا رسولنا الكريم بالجهد والإخلاص، فيتحقق له الأمن والسلامة يوم القيامة ويكافئه الله بالجنة ونعيمها.

 

المصدر :

«المسلمون.. بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي»، والصادر عن «دار النخبة للطبع والنشر والتوزيع»، للباحث والمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى