
«من يقف وراء زهران هاشم العقل المدبر والمتهم الرئيسي في تفجيرات سريلانكا الأخيرة؟»..
هذا السؤال أحد أهم الأسئلة التي تحاول جهات التحقيق السريلانكية الإجابة عنها، خاصة أن ضحايا تفجيرات سريلانكا ، قد تجاوزت 300 قتيل وأكثر من 500 مصاب.
والحقيقة أن التحقيقات قد انتهت إلى أن الحادث وراءه «جماعة التوحيد الوطنية» بسريكلانكا، والتي تعد أحد أفرع تنظيم داعش الإرهابي.
ولكن الصور التي تم تداولها للمتهم الرئيسي زهران هاشم، تشير إلى أن هناك أطراف أخرى لها بصمة لا يمكن انكارها في التحريض على تلك المذبحة.
فجميع الصور التي تم نشرها للانتحاري، زهران هاشم، سواء قام بنشرها لنفسه أو تم تداولها بعد عمليته الإرهابية، تكشف عن احتفاظه بمكتبة ضخمة مليئة بعشرات المجلدات باللغة العربية واللغات الاجنبية.
كتب التراث تملأ مكتبة منفذ تفجيرات سريلانكا
وقد أثبتت التحقيقات ان المتهم كان يحتفظ بمكتبة ضخمة مليئ بكتب التراث، التي تجيز القتل باسم الدين.
وهذه الكتب لم تكن تتواجد فقط في مكتبته الضخمة بمنزله، بل أثبتت التحقيقات أنها تتوافر نسخ منها في مكتبة المسجد الذي كان يقوم زهران بإمامة المصلين فيه.
كما أن نسخا أخرى من ذات الكتب كانت متواجدة بمكتبه الذي يقابل فيه الراغبين في الحصول على بعض الفتاوى او الدروس منه بعيدًا عن المسجد.
ولم تكن تلك الكتب مجرد ديكور يزين بها الإرهابي زهران هاشم منزله أو مكتبه، بل كان بالفعل مقتنعا بما ورد بها من آراء وأقوال تنسب زورًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكشف آخر فيديو تم بثه على قناة الارهابي، كان يستشهد فيها بأقوال منسوبة زورا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يزعم فيها بأن الله قد أمره أن يقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله.
كما استشهد هاشم أيضًا بما ورد من تفسيرات وتأويلات لبعض آيات القتال والجهاد في القرآن الكريم، من كتب تفسير ابن كثير والقرطبي وغيرهما، وهي كتب امتلأت بالاسرائيليات والروايات المكذوبة علي رسول الله.
شرعنة الإرهاب بالروايات الكاذبة عن الرسول
ولم تكن تلك الأفكار، في عقل الانتحاري زهران هاشم وحده، بل هي أيضًا العقيدة الفكرية لما يسمى بـ«جماعة التوحيد الوطنية» والتي ينتمي إليها هذا الإرهابي ومجموعته المنفذة لتفجيرات سريلانكا.
ولتلك الجماعة «تاريخ أسود» في جرائم الكراهية والعنصرية داخل سريلانكا، فضلًا عن أنها تدين بالولاء لتنظيم داعش الإرهابي، وسبق لأعضاء منها المشاركة في عمليات التنظيم بسوريا والعراق.
كما أنها قامت بنشر مقاطع فيديو على موقع اليوتيوب، لمنظريها ومن بينهم زهران هاشم، يحرضون فيها على التمييز العنصري على أساس ديني، وتنفيذ عمليات إرهابية داخل وخارج سريلانكا.
وفي التحقيقات التي تمت مع أعضائها كانوا يستشهدون بما ورد في كتب التراث الإسلامي، وأنها تثبت شرعية قتال وقتل غير المسلمين.
الشرفاء: القرآن لم يأمر بقتل الناس ظلما وعدوانا
ولكن في الحقيقة، هذه القواعد المزعومة للقتال في سبيل الله، مخالفة لصحيح الدين الإسلامي، وفق ما أكده المفكر العربي، علي محمد الشرفاء الحمادي، في كتابه الشهير «المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي»، الصادر عن مؤسسة رسالة السلام للتنوير والأبحاث.
حيث يقول المفكر العربي، علي محمد الشرفاء الحمادي، أن «كلّ آياتِ القتالِ التي ذُكِرَتْ في القرآنِ الكريمِ، لم تكن تعني الأمر بقتل الناس ظلمًا وعدوانًا، ولكنها تعتبر تعليماتٍ قتاليةً دفاعية في مواجهة الأعداء، في حالة الاعتداء على المسالمين وأسلوبًا في طريقة التعامل وقت القتال».
وأضاف: أن «الله سبحانه وضع قاعدة القتال في سبيل الله بقوله تعالى ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْمعْتَدِينَ﴾ (البقرة 190)».
وتابع: «وتأكيدًا لتلك التعليمات قالَ تعالى (لا يَنهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذينَ لَم يُقاتِلوكُم فِي الدّينِ وَلَم يُخرِجوكُم مِن دِيارِكُم أن تَبَرّوهُم وَتُقسِطوا إِلَيهم إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقسِطينَ (8) إِنَّما يَنهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذينَ قاتَلوكُم فِي الدّينِ وَأخرَجوكُم مِن دِيارِكُم وَظاهَروا عَلىٰ إِخراجِكُم أن تَوَلَّوهُم وَمَن يَتَوَلَّهُم فَأولٰئِكَ هُمُ الظّالِمونَ (9)» (الممتحنة).
وأكد المفكر العربي، علي محمد الشرفاء الحمادي، إنّ «المجرمينَ الَّذِين يعتدونَ على النّاسِ ويستبيحونَ أرضَهم وينهبون ثرواتِهم ويقتلونَ الأبرياءَ باسمِ الإسلام، والإسلام بريءٌ منهم، فسيكون جزاؤهم جهنمَ وبئسَ المصيرِ عملًا بقوله تعالى: «الَّذينَ ضَلَّ سَعيُهُم فِي الحَياةِ الدُّنيا وَهُم يَحسَبونَ أنَّهُم يُحسِنونَ صُنعًا (104) أولـئِكَ الَّذينَ كَفَروا بِآياتِ رِبّهِم وَلِقائِهِ فَحَبِطَت أعمالُهُم فَلا نُقيمُ لَهُم يَومَ القِيامَةِ وَزنًا (105) ذلِكَ جَزاؤُهُم جَهَنَّمُ بِما كَفَروا وَاتَّخَذوا آياتي وَرُسُلي هُزُوًا(106)» (الكهف)
وأضاف: «إن وعد الله حق، فذلك ما ينتظر الفرق الإجرامية حين ارتكبت جريمتين شنيعتين إحداهما الافتراء على الله ورسوله بروايات كاذبة لتشويه الإسلام وتوظيفه في خدمة مآربهم الإجرامية وعقابهم عند الله عظيم، والجريمة الثانية قتل النفس البريئة التي حرم الله واستباحتهم لأموال الناس وأكل أموالهم بالباطل».