أكذوبة مشروعية «المباشرة» في نهار رمضان
ما حقيقة قيام الرسول بتقبيل زوجاته أثناء الصيام؟

من الفتاوى التي تثير الجدل، تلك المتعلقة بجواز التقبيل والمباشرة بين الزوجين في نهار رمضان والتي يستند أصحابها إلى حديث منسوب زورًا لرسول الله (صلى الله عليه وسلم).
ولكن في الحقيقة فإن هذا القول المكذوب على النبي مخالف لصحيح ما ورد في القرآن الكريم وهو المرجع الأول والأخير للتشريع في الدين الإسلامي.
ولقد تصدّى المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي لتلك الفتوى غير الشرعية، في كتابه الشهير «المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي»، الصادر عن مؤسسة رسالة السلام للتنوير والأبحاث، في إطار استعراضه لنماذج واضحة للتعارض الصارخ بين الخطابين وهو ما أفسد على المسلمين حياتهم.
في الخطاب الديني
في صحيح البخاري 2971
حدّثنا سليمان بن حرب قال: عن شُعبة عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي اللهُ عنها (كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل ويباشر وهو صائم وكان أملككم لإربه).
في الخطاب الإلهي
إن الصيام هو الامتناع الكامل عن كل الشهوات من أكل وشراب، والجماع مع النساء وأنواع المتع كافة التي تستهوي النفس وقد بلَّغ الرسول محمد صلى الله عليه وسلم شروط الصيام، والذي يستهدف تدريب الإنسان على السيطرة على النفس والتحكم في أهوائها والقدرة على امتناعها عن المتعة والشهوات وقد أكدت الآية الكريمة بقوله سبحانه وتعالى: (أحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابَتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّـهُ لَكُمَ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبَيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (البقرة: 187).
إنه بهذه الآية قد سمح الله للناس بمباشرة الجماع في الليل وليس أثناء الصيام حيث يعتبر الجماع قمة المتعة عند الإنسان والصيام هو الامتناع الكامل عن كل المتع والشهوات، فكيف تم اختلاق هذه الفرية على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يباشر زوجته عائشة وهو صائم وكيف يمكن للعقل أن يتصور بأن حامل رسالة الهدى والإيمان يخالف الله فيما أمر به.
ملاحظة وتعقيب
إن الإشاعات وفبركة الروايات تستهدف النيل من التزام الرسول بأوامر القرآن واتباع أوامر الله، وهذه الروايات تم تزويرها كجزء من الحرب النفسية التي واجهها الرسول في حياته واستمرت حتى اليوم يرددها المسلمون دون منطق ودون تفكير حينما رهنوا عقولهم وتفكيرهم لتلك الإشاعات واستسلموا لها حتى أصبحت لديهم مرجعًا رئيسيًّا للخطاب الديني، ولم ينتبهوا للخطاب الإلهي الذي فيه القول الفصل كما جاء في الآية الكريمة أعلاه. فليتق الله كل من تصدى للخطاب الديني والدعوة لدين الحق بألا يعتمد على مصادر الرواة واتباع إشاعاتها، إنما يرجع لكتاب الله الكريم ليكون معيارًا وميزانًا لكل قول من أي مصدر ولكل رواية مهما كان قائلها ومهما بلغ علمه، فقول الله في كتابه الكريم يعلو فوق كل قول.