أركان الإسلام

بيانٌ لقومٍ يعقلون «4-6»

يظلّ مُسمّى الإسلام الصفة الوحيدة التي يجب على المسلمين التعامل بها

المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي
Latest posts by المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي (see all)

لقد جاءت رسالة الخالق لعباده بعددٍ من الثوابت التي تدعوهم للإسلام دينًا والإيمان برسوله إمامًا وسراجًا منيرًا وهاديًا للناس.

فمن آمن برسالة الإسلام والتزم بتكاليف العبادات واتّبع ما أمر الله به قولًا وعملًا حيث كرّمنا المولى عز وجل بأن سمّانا المسلمين تشريفًا لمن اتّبع قرآنه وتدبّر آياته.

قال تعالى: «مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَـٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وُمَا كَانَ مِنَ الْمُشُرِكِينَ» (آل عمران :76).

وقال تعالى: «قُلَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أنزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَالنَّبِيُّونَ مِن رِّبّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ» (آل عمران :84).

وقال تعالى: «وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ » (البقرة 132).

تؤكّد لنا الآيات المذكورة أعلاه وحدة الرسالة التي حملها كل الأنبياء الذين كُلّفوا بتبليغها للناس فهم كلهم مسلمون.

لقد ارتضى الله للناس الإسلام دينًا وكرّمهم بتسمية من آمن برسالته بالمسلمين، واتّبع خاتم النبين محمدًا (صلى الله عليه وسلم)، فكيف تجرّأ من تصدّوا للدعوة الإسلامية وممن يُسمَّون بعلماء المسلمين وأئمة الإسلام في الماضي والحاضر بأن يبتدعوا مُسمّيات تتعارض مع مراد الله لعباده بتسميته لنا بالمسلمين، وأن يعصوا أمرَ الله في تكريمه لعباده.

يحذرنا سبحانه بقوله: «وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ» (آل عمران 85).

كيف سنلقى الله وقد صرنا فِرَقًا وجماعات؟

فإذا جاء يوم الحساب وجاء الناس جميعًا يرجون رحمته ويأملون مغفرته وهم قد جاءوا بمسمّياتٍ مذهبيّةٍ متعددة (سُنيّة تتبعها عشرات الفِرَق بعقائد مختلفة وكذلك شيعيّة وأتباعها بمدارسها المتعددة أو إباضيّة وخِلافه)، فلن يستقيم أمرهم مع مراد الله الذي جاءت رسالته بالاعتصام بحبل الله محذرًا إياهم من التفرُّق والتحزُّب الذي يدعو كل منهم لمنهجه الديني الخاص بفرقته.

ولن يقبل الله يوم القيامة منهم أعذارهم ولن يسمح لهم تفرقهم..

ولن يغفر لهم انصرافهم عن القرآن الكريم ليتخذوه مرجعًا وحيدًا لتشريعاتهم وسلوكيّاتهم..

وسيكون الحُكم لله وحده حين يقضي بينهم بعدله عندما يقبل أعمال المسلمين الذين آمنوا به وصدّقوا رسوله وأدّوا تكاليف العبادات كما أمر الله ورسوله، واتبعوا أوامره وعملوا الصالحات وامتنعوا عن النواهي واتقوا الله، واتخذوا الخير سبيلًا والإحسان سلوكًا والرحمة عملًا والسلام طريقًا والتعاون هدفًا والعدل نظامًا يضبط العلاقات الاجتماعية بين الناس.

لذا فإنّه يجب على المسلمين التزامًا وإيمانًا بتطبيق أمر الله وعدم استخدام أيّ مصطلح غير الإسلام أو شعارات دينيّة تتعارض مع ما أمر الله به.

بل يظل مُسمّى الإسلام هو الصفة الوحيدة التي يجب على المسلمين التعامل بها، كي لا يتفرّق المسلمون إلى فِرَق وطوائف وأحزاب كما حدث في الماضي ويحدث الآن، تأكيدًا لقوله «وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ» (آل :عمران 85).

الثوابت في الدين الإسلامي هي ما يلي:

أولًا: الإيمان بالله واحد أحد لا شريك له يحيي ويميت وهو على كل شيءٍ قدير.

ثانيًا: الإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.

ثالثًا: الإيمان بالقرآن كتاب الله الذي أنزله على رسوله هُدًى للناس ورحمةً ليخرجهم من الظلمات إلى النور.

رابعًا: الإيمان بأنّ سيدنا محمدًا (صلى الله عليه وسلم) رسول الله للناس كافةً، يُبلّغهم قرآنه ويتلو عليهم آياته لترسم لهم خارطة الطريق في الحياة الدنيا، وتكسبهم رضا الله والفوز بالجنة ويُزكّيهم ويُعلّمهم الحكمة ويرشدهم إلى عمل الصالحات.

خامسًا: الالتزام بتكاليف العبادات، الشهادتان والصلاة وصوم رمضان والزكاة والحج والالتزام بما أمر الله به، باتّباع الفضائل والخلُق الكريم والابتعاد عما حرَّم الله والتمسك بالقِيَم النبيلة، التي أساسها الرحمة ودعائمها العدل والمساواة والتعاون ونَشْر السلام بين الناس، والتقيُّد بدعوة القرآن للناس لبناء مجتمعات إنسانية كريمة يسودها الأمن والأمان.

تلك فقط الثوابت التي يؤمن بها المسلمون ويلتزمون بأدائها، وكل ما عدا ذلك جهد بشري يتغير بتعدُّد المفاهيم الإنسانية وِفْق ظروفهم الاجتماعية وأهدافهم السياسية والشخصية، للحفاظ على امتيازاتهم المجتمعية، يكسبون منها مكانةً أو رزقًا.

ولسنا مُلزمين باتّباع تلك الفتاوى والتفاسير والاجتهادات، فكتاب الله يدعونا للتدُّبر فيه والعمل بشريعته والإيمان بآياته.

 

 

المصدر:

«المسلمون.. بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي»، والصادر عن مؤسسة رسالة السلام للتنوير والأبحاث، للباحث والمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى