رؤى

بيزنس «بول الإبل»

ليس من المعقول أن يعالج الغرب بالخلايا الجذعية ونعالج نحن بالخرافات

خالد منتصر

أُشفق على شيخ الأزهر من مافيا بيزنس بول الإبل والحجامة والمتاجرين بالطب النبوي، فرغم قامته الدينية فلن ينجو فضيلته من تكفيرهم واتهاماتهم له بإنكار المعلوم من الدين بالضرورة.

وقد بحَّ صوتنا بأنه ليس هناك ما يسمى الطب النبوي، بل هناك طب مُورِسَ في زمن النبي.

ومن الممكن جداً هجْر هذه الممارسات لأنها ليست وحيًا ربانيًا إلى الرسول.

فالعلم يتقدم وما أمر به الرسول هو ضرورة التداوي، لكن تفاصيل هذا التداوي متروكة لتقدم العصر والعلم، ولا يُنتَقص من قدر الرسول على الإطلاق أن يكتشف العلم الأفضل والأنفع في الطب وغيره من العلوم.

وإذا كان هناك أفراد أو تيار يُسيء إلى الرسول فهُم أولئك المنتمون لحزب الطب النبوي، والمُصرّون على عدم البحث في متن الحديث ونسبيته الزمنية، فما دام موجودًا في البخاري فالكلام انتهى ولا تعقيب.

ولو كان هذا الكلام صحيحًا لِمَا عقّب الشيخ الغزالي على بعض أحاديث البخاري، مثل فقء موسى عين ملك الموت، ولِمَا رفض شيخ الأزهر العلاج بأبوال الإبل، بل نادى بحملة لمحاربتهم عندما اكتشف النّصب والدّجل، الذي حدث لواحد من أقاربه في مرسى مطروح!

بول الإبل دواء على الانترنت!

بحّ صوتنا عندما ذكرنا بديهيات الطب القائم على الدليل، قلنا إنَّ الإنترنت ليس مصدرًا طبيًا أكاديميًا، فهو مجرد سوبر ماركت من الممكن أنْ تجد على رفوفه منتجًا صالحًا وآخر طالحًا «منتهي الصلاحية»، وأنَّ هناك مواقع لعبادة القمر على الإنترنت، فهل سيعبد تجار بول الإبل القمر لأنه مذكور على الإنترنت!!

لا تقل فلانًا قال على النت كذا، بل قُل في مجال الطب المجلة العلمية المُحكَمة قالت وذكرت كذا وكذا.

لم يعُد بول الإبل مثار نِقاش وجدل نظري، بل أصبح أكل عيش و«بيزنس» بالمليارات تقف وراءه هيئات ودول.

وأتذكر أنه  في أحد معارض الكتاب، أي في محفل الثقافة والعلم، كان هناك كُشك لبيع بول الإبل.

كان صاحبه يوزع على الطابور المزدحم نشرة دواء البول وكيفية استعماله وأرقام تليفوناته، ويعرض عليهم استعداده لتوصيل البول دليفري إلى المنازل!!

والله أعلم هل هو بول الناقة أم بول صاحب الكُشك؟!

طريقة الاستخدام تقول: مقدار من فنجان قهوة أي ما يعادل حوالي ثلاثة ملاعق طعام من بول الإبل ويفضل أن تكون بِكرًا، ثم يخلط مع كأس من حليب الناقة ويُشرَب على الريق.

ويؤكد صاحب المحل أنَّ المريض يشعر بتحسن حالته الصحية، سواء كان سرطانًا أو كبدًا أو عجزًا جنسيًا خلال أيام قليلة!!

يا شيخ الأزهر مطلوب إنقاذ عقول المسلمين من سكان كهوف الماضي وتجار بول الإبل..

ليس من المعقول أن يُعالِج الغرب بالخلايا الجذعية ونعالج نحن بالبول..

لا يمكن أن تكون ساحة انطلاقهم هي المعمل، وساحة انطلاقنا هي التواليت!

 

 

المصدر:

مقال « بول الإبل دليفرى»، المنشور بالموقع الرسمي للدكتور خالد منتصر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى