
قال الشيخ أحمد ربيع، الباحث في الأزهر، إن الفتنة الطائفية هي مدخل أعداء الإسلام لمحاربة الوطن وتدميره.
وأضاف أن الإسلام حثَّ على حرية العقيدة، ما يجب ترسيخ قيم الاختلاف والتنوع والتعايش مع الآخر لدى الأبناء.
وأكد أن التلاعب بنصوص القرآن من خلال تأويلها تأويلات بعيدة عن مراد الدين أمر مدمر، لافتًا أن دعاة الفوضى يؤدون إلى ضياع القيم والأخلاق.
وأوضح أن القرآن الكريم تضمّن خارطة للنهوض بالأمة، علاوة على أنه حثَّ على ضرورة العمل والعلم.
الفتنة أداة المتطرفين لتدمير المجتمع
• يتعمد البعض بث روح الفتنة في المجتمع بالتفرقة بين المسلمين والآخر.. كيف ترى ذلك؟
– العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين، تُعتبر مدخل الأعداء لمحاربة الوطن وتدميره عن طريق بث الفتنة الطائفية، ونحتاج إلى الدفع بالمجتمع إلى تغيير الثقافة العامة.
لكن الإسلام كفل حرية العقيدة، فقال تعالى: «لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» (البقرة: 256).
يجب أنْ نُنشىء أبناءنا على قيم الاختلاف والتنوع والتعايش، ويجب تدريس الدين في المدارس بطريقة صحيحة وتوضيح المشتركات وتأكيد أن الإسلام حثَّ على حرية العقيدة.
• وما مدى تأثير تلك الدعاوى الباطلة؟
– المفاهيم الخاطئة التي لُصقت زورًا بالإسلام، أدت إلى انتشار الإسلاموفوبيا، فهي حالة شديدة التعقيد يمر بها العالم، علاوة على أنها نتيجة أن الإرهاب والتطرف أصبح ظاهرة عالمية، رغم أن كلها بعيدة عن الإسلام الذي يدعو إلى السلام والتعايش والرحمة.
• بذكرك التطرف.. هناك من يئوِّل آيات القرآن الكريم حسب أهوائه لخدمة مصالحه.. ما مدى خطر ذلك؟
– التلاعب بنصوص القرآن من خلال تأويلها تأويلات بعيدة عن مراد الدين أمر مدمر، بالإضافة لدعاة الفوضى الخلاقة الذين يؤدون إلى ضياع القيم والأخلاق.
المسلمون يواجهون الآن حربًا فكرية تسعى إلى أنَّ تجعلنا مهزومين فكريًّا ومعرفيًّا.
• وكيف ترى المنادين بحذف بعض آيات القرآن الكريم أو توقّف العمل بها؟
– هذا يدل على جهلهم بنص القرآن الكريم الذي لا يقبل لكائن كان أن يتلاعب به أو يُحرّف مضمونه أو ينحرف عن مقاصده.
وكذلك هؤلاء يبحثون عن فرصة لحذف كل ما يخشونه أن يُعجّل بنهوض المسلمين وعودتهم للحياة ودخولهم السباق الحضاري بل وريادته مرة أخرى.
ومع ذلك فإن الله هو من تكفّل بحفظ كتابه حيث قال تعالى: «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون» (الحجر: 9)، ولم يتركه لنا وإلا ضُيع وحُرّف من أعوام.
القرآن وضع خارطة للنهوض بالأمة
• بذلك.. كيف نرتقي بالأمة بعيدًا عن الفتن وما يؤدي إلى تخلفها؟
– تضمَّن القرآن الكريم خارطة للنهوض بالأمة، حيث تعتمد على “محورية الإنسان ومركزية العلم، ومنظومية القيم”، وعليه فيجب أن نستثمر في الإنسان وفي تنميته، وصناعة عقله صناعة متقنة.
الاستثمار في الإنسان أولى من البنيان والاستثمار في البشر أولى من الحجر، كما يجب أن ندرك أنَّ واقعنا بكل مشكلاته وتعقيداته هو نتيجة لتخلفنا العلمي وأننا نعيش ثقافة المستهلك وليس المنتج.
وحث القرآن على ضرورة العلم، ولذلك التعليم يجب أن يكون قضية أمن قومي فنهضته هي البداية الحقيقية لحل كل مشكلاتنا.
والاهتمام بالقيم هو السبيل للحفاظ على المجتمع من التحلل اجتماعيًّا وأخلاقيًّا، وكذلك يجب الانشغال بالحفاظ على نظام الأسرة والأخلاق، لأنَّ بناء الأمم يكون ببناء القيم.
ونحتاج إلى إيقاظ الوعي في الأمة ومحاربة الجهل، فالدين يدعو إلى القراءة والمعرفة، فقال تعالى: «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ» (العلق: 1).
ويدعو القرآن في أكثر من 300 آية إلى العلم ويربطه بالعلم ويصف المقرون منه بالعلم بأنه عمل صالح فيجب دفع المجتمع نحو الإيمان بقيمة العمل وإتقانه.
وأيضًا حثنا القرآن الكريم على أهمية تعمير الأرض والتنمية والبناء والعمران.
من المؤسف أننا نُعاني من وجود انحراف قيمي في المجتمع نتيجة للتأثر في الفكر والانفتاح الشديد نتيجة وسائل التواصل الاجتماعي، ما أثّر على منظومة القيم وتقليد الآخرين في العادات السيئة.
• في نظرك.. ما الأسس التي يجب أن تعتمد عليها منظومة التعليم؟
– لا بد من مراجعة منظومات التعليم ويجب أن نبتعد عن أي عملية إصلاح شكلية مؤقته أو إصلاح تجميلي لأساليبه وطرقه بل يجب أن توضع رؤية وخريطة طريق تنفيذية لإصلاح جميع جوانب النظام التعليمي.
يجب أن ننتقل من تعليم مبني على تحصيل المعرفة الهشة والمعلومات لا العلم إلى تعليم مبني على الحكمة.
كما يجب أن نجعل من البحث العلمي والاستثمار في العقول والتكامل العلمي والتماسك القيمي طريقنا نحو الريادة في المستقبل.